كتاب ليال عشر مع المتنبي – خالد الكركي
لم يكن استدعاء الأديب الدكتور خالد الكركي لشخصية المتنبي لمكانتها الشعرية والتراثية فحسب؛ بل إن الكركي تعامل مع تجربتها الإنسانية الذاتية في الحياة بوصفها نموذجاً متفرداً تجد الذات المعاصرة فيها مرآةتؤشر تجربتها وتعكس ملامحها أيضاً.
من هنا، هيأ المؤلف لقارئه الأجواء الملائمة ليقضي معه (ليالٍ عشر مع المتنبّي) وبشكل سحري ومن دون عناء، يرصدان معاً صور الحياة التي ملأتها هذه الشخصية فيها سواء الحياتية أم الفنية (الشعرية)؛ ما يعني بالنسبة للكركي، العزم على إطلاق الروح لنص عن المتنبي جديد.يقول المؤلف مخاطباً المتنبي: “من أنا!.. تكاد تسألني من أنت، لا أنا الذي “نظر الأعمى إلى أدبي”، ولا أنا “السابق الهادي إلى ما أقوله”، ولا الذي إذا قال شعراً “أصبح الدهر منشداً”، وقد كان لي – كما كان لك – سلطان وبلاط، وبين حلبوعمّان زمانان مختلفان، فاطمئن لست من عصابة بغداد، وقد كتبت في شعرك كتاباً؛ عن رونقه العجيب، وآخر عنك أنت، عن صورتك في شِعر زماننا بعد ألف عام من رحيلك وتزيد قليلاً (…) أنا رجل موغل في العربية حبّاً، فهي طريقنا إلى النسب بكم، من الضلّيل امرئ القيس، إلى زمانك أنت؛ وأنت حاكم لا ولاية له، ورحيل لا قرار فيه، وقصيدة ظلّت بعدك، تذكرك ولا تحبّ أن تراك، حتى لو كنت “الصالح المحكي” لأنّ الناس شغُلوا بك عن شِعرك، فأنت ترى أن الدهر ينشد شعْرَك، والقصيدة ترى أنّها هي التي جعلت الدهر ينحني لا أنت، فاتركها يا رعاك الله لابن جنيّ، والواحدي، والمعرّي، والكندي، والإقليلي… اتركها لبلاشير، وماسينيون، وطه حسين، ومحمود شاكر… لألف دراسة ورسالة في شعرك وفيك، والذي في شِعرك قليل جيّده، والذي فيك خلط بينك وبين القصيدة.. التي سأتفق معكَ في أنّها أنت…وكن كما أردت:سبحان خالق نفسي لذّتُها / فيما النفوس تراهُ غايةَ الألمِأكتب في مناخك وفي نفسي حزن على أبي الذي غاب منذ خمس وعشرين سنة، وعلى أخويّ اللذين رحلا في أوّل الشباب، وأشتاق لهما وأتذكر كما فعل عمرو بن كلثوم “تذكرتُ الصِّبَا واشتقتُ…”.
الكتاب بمثابة محاورة شعرية مع المتنبي وعوالِمه الإبداعية، قدّم له المؤلف بمقدمة بعنوان “زمان..” يُخبر خلالها عن دواعي الكتابة عن المتنبي وهو “سِّر عتيق في الذاكرة” حفظه منذ خمسين عاماً وآن أوان البوح به، كما يعبر فيها عن امتنانٍ وشكر لاستاذه د. محمد عزّام، وهو يستعيد ذكراه في مقدمات هذه الكتابة عن المتنبي..وكما جاء في عتبة العنوان وزع المؤلف مادة كتابه على (ليالٍ عشر) جاءت تحت العناوين الآتية: الليلة الأولى”سقى الله ايّام الصبا ما يسرها”، الليلة الثانية “حلب قصدنا وَأنت السبيل”، الليلة الثالثة “يطأ الثرى مترفقاً من تيهه”، الليلة الرابعة “أرى العراق طويل الليل مُذ نُعيتْ”، الليلة الخامسة “والآخر الصدى”، الليلة السادسة “أعطى الزمان فما قبلت عطاءه”، الليلة السابعة “من الجاذرُ في زيّ الأغاريب!!، الليلة الثامنة “هواي عراقي وتثني زمانها”، الليلة التاسعة “حَتّامَ نحنُ نُساري النجمَ في الظُّلمِ… “المعلقة”، الليلة الأخيرة “والفجر وليالٍ عَشْرِ”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب