كتاب ليس بهذا الشكل ولا بشكل آخر – قاسم حداد
كُتبت هذه السيرة في فترات متباعدة، تمتد من منتصف الثمانينات حتى منتصف التسعينات، في صيغة استجابات مختلفة وسياقات متنوعة: أجوبة على أسئلة في حوار، تعليق، مقال، مداخلة في ندوة، أو ذهاب ذاتي للبوح في صورة تأمل، يستبطن التجربة بآليات تتراوح بين الشكّ العنيف حيناً، والثقة المبالغ فيها حيناً آخر.
وكنت كلما ثارت الأسئلة في داخل التجربة أو حولها، لجأت إلى محاورتها، بما يشبه التداعي الذاتي، مكتوباً في نص هنا أو نص هناك، ينشر بعضه، ويظل بعضه في ليل أوراقي، بشكل غامض من الاطمئنان بأن النص الشعري أكثر أهمية من الكلام النظري عليه.
لذلك، بقيت هذه السيرة في شتات من هواء الكتابة، متخفية، متماهية في رغبة النص الفاتنة في الذهاب إلى القارئ بريئاً من شهوة تبريره التي تنتاب الكاتب عادة، وإذا كانت هذه السيرة، بادية التفاوت، في درجة الانفعال والسبر والشعرية، فربما لأن الحياة هي أيضاً عرضة لمثل هذه الحالات المختلفة المتفاوتة.
وليس في نية هذه السيرة التقديم للنصوص الأخرى. وليست السيرة أيضاً طريق ملكية للكتابة يقترحها كاتب على قارئ.
هذه السيرة، إذن لا تأتي لتفسير ما تتهامش (أو تتقاطع) معه من النصوص الأخرى. وإذا صادف وتقاطعت بعض العناصر هنا أو بعض الإشارات هناك، فإنما يحدث هذا بفعل المصادفات الموضوعية، التي تستثيرها وتجترحها طبيعة المشاغل التي ينهمك فيها الشخص نصاً وحياة.
سيرة النص، هنا عبارة عن حوار ذاتي مع النفس، تتوق للاتصال بأرواح يؤرقها القلق ذاته، وتذهب إلى ذات الأفق، ولكنها تقدر، في الوقت نفسه، على العمل بأدوات وآليات مختلفة متنوعة ومتغايرة في كل تجربة وكل نص.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب