كتاب ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين – أبو الحسن الندوي
إن الإسلام عقيدة استعلاء، من أخص خصائصها أنها تبعث في روح المؤمن بها إحساس العزة من غير كبر، وروح الثقة في غير اغتدار، وشعور الاطمئنان في غير تواكل وإنها تشعر المسلمين بالتبعة الإنسانية الملقاة على كواهلهم، وتبعة القيادة في هذه الأرض للقطعان الضالة، وهدايتها إلى الدين القيّم والطريق السوي، وإخراجها من الظلمات إلى النور بما أتاهم الله من نور الهدى والفرقان.
وهذا الكتاب الذي بين يدي القارئ يثير في نفس قارئه هذه المعاني كلها، وينفث في روعه تلك الخصائص جميعها، ولكنه لا يعتمد في هذا على مجرد الاستشارة الوجدانية أو العصبية الدينية، بل يتخذ الحقائق الموضوعية أدانه، فيعرضها على النظر والحس والعقل والوجدان جميعاً، ويعرض الوقائع التاريخية والملابسات الحاضرة عرضاً عادلاً مستنيراً، ويتحاكم في القضية التي يعرضها كاملة إلى الحق والواقع والمنطق والضمير، فتبدو كلها متساندة في صفه وفي صف قضيته، بلا تمحل ولا اعتساف في مقدمة أو نتيجة وتلك مزية من مزايا الكتاب.
انه يبدأ فيرسم صورة صغيرة سريعة، ولكنها واضحة، لهذا العالم قبل أن تشرق عليه أنوار الإسلام. يرسم الصورة لهذا العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً وكيف تسيطر عليه روح الجاهلية فيسوده الظلم والعبودية وتفشاه غاشية من الكفر والضلال والظلام، فإذا فرغ المؤلف من رسم صورة العالم بجاهلية هذه، بدأ يعرض دور الإسلام في حياة البشرية، ودوره في تخليص المجتمع الإنساني من الظلم والطغيان.
ومن التفكك والانهيار، ومن فوارق الطبقات واستبداد الحكام واستدلال الكهان، ودوره في بناء العالم على أسس من الفقه والنظافة والإيجابية والبناء، والعدالة والكرامة، ومن العمل الدائب لتنمية الحياة وترقية الحياة، وإعطاء كل ذي حق حقه في الحياة.
كل أولئك في إبان الفترة التي كانت القيادة فيها للإسلام في أي مكان، والتي كان الإسلام فيها يعمل.
ثم تجيء الفترة التي فقد الإسلام فيها الزمام، بسبب انحطاط المسلمين، وتخليهم عن القيادة التي يفرضها عليهم هذا الدين، والوصاية التي يكلفهم بها على البشرية، والتبعات التي ينوطها بهم في كل اتجاه.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب