كتاب متلازمة العافية – كارل سيذرستروم وأنذريه سبايرس
يوجّه السياسيون (ويردّد الاقتصاديون) رسائلهم إلى الجموع، ولكنهم يعمدون إلى تفريغ الأفراد من أدوارهم الحقيقية، هكذا يحصلون على مجتمع لا معنى فيه للإرادة الجماعية، فتتفتّت المصائر بعدد الأفراد (المواطنين) الذين يُلقى على عاتقهم بثقل المسؤولية. وليست المسؤولية هنا إلا اعترافاً بالامتثال المعزّز مؤسساتياً.
أنظمة العافية والإصحاح، وبرامجها المعلنة والمتداولة أقرب إلى المبادرات الصحيّة والمعنوية التي تتوخّي رفاهية الأفراد، وتحسين فعاليتهم، ورفع إنتاجيّتهم، بما يحقّق تناغماً اجتماعياً عاماً. هذا –تقريباً- هو مجمل الإطار الشكلي الذي يدافع عنه متبنّو هذه الأنظمة والمعنيّون بتطبيقها وانتشارها. في هذا الكتاب ينبّهنا كارل سيدرستروم وأندريه سبايسر إلى مستوًى آخر تتفاعل فيه الأشياء، ويَعْمِد السياسيون والصناعيّون إلى إخفائه، وهو مستوًى مدمّر، بالرغم من أنه ليس مرئياً تماماً، ويجب وضع حدّ له لكي لا يواصل المجتمع انزلاقه إلى هوّة مظلمة.
إن السياسيين عندما يستبدلون التركيز على الشأن العام بالتعبير عن الأحوال الشخصية فإنهم يقومون ببساطة بصرف الأنظار عن المطالب السياسية في المجتمع، وأهمّها: إعادة توزيع الموارد المادية، والاعتراف بالهويات المتضرّرة، وتمثيل الخصوم السياسيين. والنتيجة في كل الأحوال تفريغ إمكانية التأثير في القرارات إلى الدرجة صفر، وتحويل الأسئة الكبرى، مثل عدم المساواة والتمييز والاستبداد، إلى مجرّد أوهام مفرطة يجب تهذيبها أو التخلّص منها. هذا بالطبع ما يمكننا أن نسمّيه “إلهاءً” أو “خداعاً” يعمل على تغيير مسار التداول العام وإعادة توجيه تدفق المعلومات إلى غايات مصطنعة لصالح فئة أو مجموعة أو حزب أو شخص.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب