كتاب محاكمة الحقيقة – حسن خالد
ما هي الحقيقة؟ ظل هذا السؤال يشغل بال الإنسان منذ بدء الخليقة، وبالرغم من اختلاف مقدَّسات البشر وأعراقهم ومذاهبهم، إلا أنهم لا يختلفون على قيمة الحصول على الحقيقة ومقامها، فأينما حل هذا الإنسان فإنه يحمل معه هذه القيمة المعنوية التي تكاد لا تنفصل عنه، والإنسان صار إنسانًا لا لقوته الجسمانية أو غرائزه الحسية، بل لقوته العقلية المتعالية التي يميز بها بين الحق والباطل، وكلَّما وقعت أقدام هذا الإنسان على بقعة ما فإنه ترك فيها آثارًا لعقله وتفكيره؛ دأبًا منه للكشف عن المعارف وإزالة الغموض عنها، بل حتى أولئك الذين يُصنَّفون أبعد الناس عن الحقائق، وممن غرقوا في أوحال السفسطة، ظلوا يدورون حول نواة الحقيقة ومفهومها ولم يستصغروا قيمة المعرفة وهم في رحلة البحث عن اليقين.
يُعتبر اليقين الهدف الأسمى الذي توفره العلوم العقلية، وتَعتبر هذه العلوم الوجود الذي يسبح فيه الإنسان ميدانًا لحركة الفكر البشري، فتتجه به إلى عوالم يمثل السفر إليها نهاية الآمال التي يطمح البشر إلى الوصول إليها، فالصلة التي تربط الإنسان بالحقيقة أسمى من جميع أنواع الارتباطات وأجلُّ من أن تقاس بالمادة، فكلما كان وقعها يقينيًّا أصبحت أكثر شغفًا بالنسبة للإنسان لإماطة اللثام عنها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب