الدواوين العالمية المترجمة

كتاب مختارات شعرية شاملة – برتولت بريشت

لم يمنع بريشت أفكاره الثورية وانتماءه الماركسي من التسرب إلى شعره. ثمة نكهة أممية وإنسانية واضحة ومتعمدة تطفو على سطح مفرداته وموضوعاته. لعلَّ هذا منح شعره مذاقاً خاصاً، داخل الصورة العامة التي نعرفها عن الشعر الألماني، وطالما تغذّى من الفلسفة وأقام معها تحت سقفٍ واحد. شعر بريشت أقل تفلسفاً، أو لنقل إن فلسفته سهلة على القارئ العادي الذي يُخاطب هنا بوصفه متلقّياً يمكنه تذوق الشعر كمحرِّض على التغيير والثورة على الاستغلال الذي يتعرَّض له. يذكِّرنا صاحب «الأم كوراج» ببابلو نيرودا وناظم حكمت ولوركا… وحتى والت ويتمان أكثر مما يذكرنا بريلكه وتراكل وهولدرلين.

شعر بريشت يلبّي فكره وموهبته، لكنه يمنح هذا الشعر طاقة إضافية تخوِّله العمل في «خدمة» الجمهور. بالنسبة إليه، الفن مسؤولية وموقف أيضاً. ألم يقل: «لن يقولوا: كانت الأوقات حالكة/ بل سيقولون: لماذا كان شعراؤهم صامتين». هناك رسالة في هذا الشعر. هذا صحيح، ولكن الصفة الرسولية لا تحجب الموهبة الفريدة التي كُتب بها. نقول هذا كي نطرد فكرة أن ارتباط اسم بريشت بالماركسية تحتِّم اعتبار نتاجه الشعري (والمسرحي أيضاً) بضاعة قديمة، انتهت صلاحيتها بسقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار النظم الشيوعية في أوروبا الشرقية. بالعكس، لعلّ قراءة بريشت اليوم فرصة لإثبات ديمومة القيم الإنسانية والفلسفية التي حملتها الماركسية، ولم تكن مرهونة بسلطة سياسية ولن ينتفي معناها بانهيار هذه السلطة.

لا يمكن تجنُّب المادة السياسية في أعمال بريشت، لكن السياسة لا تجعله سطحياً أو مبتكر دعاية مبتذلة لمعتقداته وأفكاره. السياسة هنا غالباً ما تحضر مصحوبةً بسعيٍ شعري واضح.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

للتحميل اضغط هنا

لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى