كتاب مذكرات تينيسي ويليامز – تينيسي ويليامز
يبدو كتاب ( مذكرات تنيسي ويليامز )* في جانب منه، كما لو أنه محاولة لتصفية حساب مؤلمة مع الذات، مع التاريخ الشخصي، مع ماضٍ لا يمكن تغييره بأية حال.. إنها تصفية حساب نهائية، طالما حصلت في الشفق الصارخ والمؤسي للحياة، احتجاجاً، ليس على الموت المقبل وحسب، بل على الحياة نفسها، لأنها على هذا القدر الكبير من الهشاشة، وماضية حتماً نحو التبدد. فهو احتجاج على بذرة الفناء الثاوية في قلب الأشياء.
وعلى الأشياء التي تتنكر بحكم الضرورة لنفسها ولحيويتها، وللجمال.. الجمال الذي هو قيمة عليا لشخص مثل ويليامز وقد استقطر رحيقه، أو سعى جاهداً، لذلك، حد الإشباع. وربما، حد الاستهتار بالقيم السائدة.. إنه كتاب غاضب، كُتب من قبل رجل لا يهادن وهو يعرض الحقيقة مثلما حصلت؛ عارية وقاسية ومثيرة للحيرة والحنق… كتاب، كان يدرك أنه سيشعل غيظ التقليدين والمحافظين والمنافقين، وقد فعل.
هل نقول أن ويليامز، في أثناء كتابته لمذكراته كان مازوشياً بدرجة ما، يُخضع ذاكرته لعملية جراحية بمبضع حاد، يغوص عميقاً، ليخرج كل ما خُبِّئ هناك، بلا أسف، أو ندم، أو خجل. إنه، إذن، في الجانب الآخر يمارس نوعاً من التطهر. للتخفف من ثقل آثامه. وآثامه هي فقط تلك التي يعتقد أنها المتجسدة بذلك الركام من إساءاته للآخرين: “أعتقد أن هذا الكتاب أشبه بتنفيس عن مشاعر تطهرية بالذنب. كل فن جيد هو عمل طائش. في الواقع لا أستطيع أن أؤكد لك أن هذا الكتاب سيكون عملاً فنياً. ولكنه حتماً سيكون عملاً طائشاً، بما أنه يعالج حياتي الراشدة”.
في هذا الكتاب يتحدث تنيسي ويليامز عن حالات الفشل أكثر من تحدثه عن حالات النجاح. عن لحظات الألم والإحباط أكثر من تحدثه عن لحظات التألق والفرح. كما لو أنه يضع نفسه، على سرير المحلل النفسي مفضفضاً، وعارضاً لأسراره التي لم تعد أسراراً، بثقة عالية بالنفس، ومن غير اعتبار لردود أفعال الآخرين.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب