كتاب مذكرات عبد أمريكي – فريدريك دوجلاس
لقد كان للحرب الأهلية الأميركية- في ستينيات القرن الماضي- الدور الحاسم في الإنهاء رسميًا على تجارة العبيد، وفي تحريرهم، ولكن ظلت في الوجدان الأميركي كراهية للملونَين، وظل الزنوج- لوقت طويل، وحتى الآن- يجدون ألوانًا مختلفة الدرجات من التفرقة والتمييز.
لقد اختلف موقف المستوطن الأمريكي من الزنوج عنه من الهنود، ففي الوقت الذي أباد فيه- بوحشية لا مثيل لها- القبائل الهندية ذات الثقافات القديمة الغنية، وأصحاب الأرض الأصليين، فإنه لم يعمل على إبادة الزنوج، بل هو الذي أدخلهم إلى القارة، وكان يعتبرهم جزءًا من قوته ورأسماله، وحتى يتم له ذلك، جاهد ببشاعة لمحو ثقافتهم وطمس أي أثر يدل على علاقة- من أي نوع- لهم بالجنس البشري!من بين هؤلاء الزنوج حاول الكثيرون الهرب إلى الولايات الشمالية، وإلى كندا، ومن بين الذين نجحوا في الهرب، كان فريدريك دوجلاس، مؤلف هذه السيرة وصاحبها، لكنه كان مختلفًا عن غيره، لقد كان فهمه للعبودية مبكرًا، وكان هروبه مبكرًا أيضا، ولقد انضم في الشمال إلى الجماعات المناهضة للعبودية، وأصبح من أكبر رجالها وخطبائها، وقائدًا متحمسًا لبني جنسه من الملونين، ثم أصبح وزيرًا في الحكومة الاتحادية بعد الحرب، كتب بعد ذلك My Bondage and My Freedomعام 1855 ثم Life and Times of Fredrick Doglassعام 1888 وتوفي عام 1895.
إنها قصة قديمة مضى عليها أكثر من قرن ونصف القرن من الزمان، لكنها لم تزل حية نابضة، فهي قصة روح معذبة، واضطهاد لا مثيل له، لا يكتبها إلا من عاشها وكابدها.
إنها تُصَوِّر- بصدق بالغ الأثر- فظاعة الحياة في المزارع الواسعة في الجنوب الأميركي تحت مظلة العبودية، وتضرب عميقا في النفاذ إلى جوهر العبودية، والأعمال اللا إنسانية لملاّك العبيد، وتصور- بأعظم ما تتصور- كيف كانت عذابات روح الكاتب وهو يتطلع إلى الحرية والمجهود الجبار الذي فعله ليصل إلى ذلك، كيف توصل إلى تاريخ ميلاده، كيف تعلم القراءة والكتابة، كيف صور بشاعة وأهوال ما حوله، وتفاصيل كثيرة أتركها للقارئ في الكتاب الذي أحدَثَ هزة كبيرة وقتها في الأوساط الأميركية والذي لم يفقد روحه بعد، وهذه السيرة وإن كانت تفسر لنا لماذا تعاني أميركا الآن من آثار الماضي، فلعلها أيضًا تفسر لنا سلوك أميركا مع الأمم الصغيرة هذه الأيام.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب