كتاب معجم يونغ في التحليل النفسي
اللاوعي ليس فقط هذا الشيء أو ذاك، لكنه المجهول الذي يؤثِّر فينا مباشرة.
كارل غوستاڤ يونغ
يشهد المعجم على سعة فكر مؤسس علم النفس التحليلي كارل غوستاف يونغ، ليس فقط على مستوى تمكُّنه من استدرار العلوم البحتة والإنسانية لفَهْم الظاهرة النفسية واشتغالاتها داخل المجتمع الأوربي، بل لانفتاحه على ثقافات متنوِّعة وبعيدة في بلاد الشرق الأقصى وفي أفريقيا، بأساطيرها ودياناتها التوحيدية والتجسيدية، حيث أعتقت تمثُّلات الإنسان الغربي المعتقَلة في أحياز مادِّيَّة القرن العشرين، والمكتسحة بإلحادية قطعت صِلَتها بالمقدَّس، فأسلمت الإنسان إلى كارثية وجود عبثي. لقد وعى يونغ، بقناعاته الدينية المسيحية، أن الظاهرة النفسية – التي تنساب من سحيق المادَّة وظلمة العوالم السفلى باتِّجاه مطلق الأثير وعوالم الآلهة، حيث تُولَدُ الصور وتتضاعف الظلال وتقترن النقائض في هذا الصراع الأزلي بين الوعي واللاوعي، بين الأنا والهو، بين العقل والروح، بين صور النماذج الأصلية وابتذال الصور الواقعية – لا يمكن إطلاقاً أن نُجهِز على امتداداتها، ونسعى عبثاً لاختزالها داخل قُمْقُم المادَّة.
– اختار يونغ هذا اللفظ ليُميِّز طريقته التحلينفسية عن تلك الخاصَّة بفرويد. لقد تردَّد بين عبارات مختلفة مثل «علم النفس المُعقَّد» أو «علم نفس الأعماق»، مُحاوِلاً بذلك أن يجعل طريقته على أفضل قَدْر ممكن من حيث اعتبار اللاوعي، ومن حيث ممايزتها بوضوح عن طريقة فرويد.
– لقد حصل استعمال هذا اللفظ للمرَّة الأولى خلال محاضرة حول التحليل النفسي قدَّمها يونغ في لندن بجَمْعية الطبِّ النفسي la Psycho-Medical Sociéty، في غشت 1913، تحت عنوان: «المظاهر العامَّة للتحليل النفسي» (GW. 4, § 523-556). فاستعمله حينئذ ليُسمِّي «علم التحليل النفسي الجديد» الذي خرج من رَحِم «تِقْنِيَّة التحليل النفسي» (GW. 4, § 523).
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب