كتاب مقدمة في علم المنطق – نايف بن نهار
لم يكن علم المنطق من إنتاج العقل المسلم، كما هو الحال مع علم الحديث والفقه والأصول وغيرها من العلوم التي أنتجها العقل الإسلامي المحض، وإنَّما كان علمُ المنطق رافداً معرفياً من خارج المنظومة المعرفية الإسلامية، وتحديداً من التراث اليوناني الذي يعود مآلاً إلى الفيلسوف الأثيني الشهير أرسطوطاليس. ثم وصل إلينا عبر حركة الترجمة الكبرى للتراث اليوناني التي ازدهرت في عهد الخليفة العباسي المأمون، والتي جاءت بدورها امتداداً لجهود مركز جنديسابور الحضاري الذي ازدهر وعاد إلى قوّته بعد أن تولَّى كسرى أنوشران عرش الساسانيين. وبعد أن دخل المنطق إلى العالم الإسلامي من البوابّة السياسيّة تلقّفه فلاسفة الإسلام ابتداءً بالكندي ثم الفارابي ثم ابن سينا ثم في القرن الخامس الهجري جرت عمليَّة أسلمة لعلم المنطق على يد العالم الموسوعي أبي حامد الغزالي، والأسلمة هنا لا تعني إضافة مباحث دينيَّة إلى علم المنطق، وإنَّما تعني تجريد علم المنطق من كل المسائل التي كان الغزالي يعتقد أنَّها تخالف الفلسفة الإسلاميَّة. ثم بعد ذلك جرى إدخال علم المنطق في صلب العلوم الإسلاميَّة لأول مرة في تاريخ التراث الإسلامي على يد الغزالي نفسه، الذي قرَّر بعد ذلك في مقدّمة كتابه “المستصفى” أنَّ من لم يحط بالمنطق فإنه لا ثقة له بعلومه. وبذلك انتشر توظيف علم المنطق في سائر العلوم الإسلاميَّة، مع التنبيه على أنَّ علماء الإسلام أضافوا مباحث منطقيَّة لم يعرفها لا اليونانيون ولا الفرس، كمباحث الموجّهات. هذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ ليس فيه جديد إلا من ناحيتين: التيسير والتسهيل، ولذلك كان الغالب على أسلوب الكتاب الإفاضة في الشرح طمعًا في إفهام القارئ. والناحية الثانية تكمن في الأمثلة، حيث إنَّ الأمثلة الواردة في هذا الكتاب أمثلة جديدة ومرتبطة بالعلوم المعاصرة بعكس الأمثلة التقليدية التي تمتلئ بها كتب المنطق، وللأمثلة قيمة أخرى، وهي تنبيه القارئ على إمكانية توظيف الأدوات المنطقية في العلوم المختلفة بدلاً من تحنيط المعرفة المنطقية في قوالب ضيقة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب