كتاب من البرج العاجي – توفيق الحكيم
«وفي اعتقادي أن كل إنسان، ولا سيما المفكر والفنان، له في حياته منطقة حُرة عالية يخلو فيها إلى نفسه ليرى الأشياء في صفائها. فالبرج العاجي للإنسان كالبرج العالي للحمام؛ في النهار يهبط الحمام إلى الأرض يلتقط حبات رزقه ثم يطير إلى أعالي برجه.»
لطالما كان وصف «البرج العاجي» تهمةً تُلاحق المفكرين والفلاسفة أينما حلُّوا وكلما أبدَوا آراءهم حول قضية معاصرة أو كتبوا في أمرٍ من الشأن العام؛ فقد ساد الاعتقاد بأن اعتصام الكاتب أو المفكر ببرجه العاجي يستلزم قصوره في إدراك الواقع بالضرورة وغياب حقائق الوجود عنه. وهو ما يدحضه «توفيق الحكيم» في تأملاته هذه خلال هذا الكتاب نظريًّا وعمليًّا، ويضع تصوُّره الخاص حول أهمية البرج العاجي للمفكر؛ فالبرج العاجي الذي يريده لنفسه ولغيره من المفكرين هو الوحدة بمعانيها المجردة العليا؛ أي الاستقلال والحرية والنأي عن تقلبات الأهواء، والابتعاد عن مصطخب الأنواء. على أن غايةً كهذه قد تحصُل دون أن يكون مضطرًّا إلى الانعزال عن الناس، بل هو يشاركهم في كل شيء إلا في السفاسف والرذائل. وهذا هو «البرج العاجي الفكري» الذي ينتصر له على حساب «البرج العاجي الخُلقي».
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب