كتاب مهندس على الطريق 2 (الشهيد الحي) – عبد الله غالب البرغوثي
أعلم أنني اليوم أعيش في ظلمة زنزانة العزل الانفرادي منذ سنين طويلة، طويلة جدا حتى أنني لم أعد أحصيها ولكن أذكر قبل دخولي إلى العزل أنني عشت ستة أشهر في زنازين التحقيق شاهدت خلالها الموت، كلمته وكلمني، لمسته في لحظات عديدة، ولكني تغلبت عليه بعون من الله القاهر القهار، هي تكملة رسالة لابنته تالا اقتباس من كتابه : “نعم ، يا ابنتي الحبيبة ويا ملاكي الحارس تالا ما عدتُ أدري، أحيّ أنا أم شهيد، وكيف لي أن أدري يا حبيبتي الصغيرة وقد دفنوني وأنا على قيد الحياة في القبر، ذلك القبر الذي اسموه زنزانة العزل الانفرادي وما هو في حقيقة الأمر سوى قبر قد حُفر بجوف الأرض، قبر مظلم ضيق، رطب قبر تملأ العفونة جدرانه وكلّ أركانه، لذلك ما عدت ألمس للحياة مظهرا هنا، فأنا مجرّد جسد مكبّل ومدفون، حين ترفض روحي مغادرته لتبقى هي الأخرى مكبلة داخله، وذاك أمر محيّر مقلق مستفزّ وجدّ خطير.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب