كتاب نبضات من قلب الحياة – كريم رياض تقي الدين
“نبضات من قلب الحياة” كتاب يُحاكي العقل والنفس البشرية في أسمى ميولهما، تجليّاتهما وغاياتهما السامية. نحن هنا أمام كاتب، نصُّه أطروحة علمية وأفكاره أشبه ما تكون بمعادلات الرياضيات، مع مسحة وجدانية وجمالية تؤنسِن العقليات.
وإذا كان لا بدّ من تعريف الصنف الأدبي لهذا العمل، فهو يقع في ما أسمّيه “عِلْم الأدب” أو “الأدب العلمي” نظرًا للمقاييس البحثية الصارمة التي يعتمدها كريم تقي الدين في معالجة قضايا المجتمعات وهموم الناس حتى الوجدانية منها. وهو المنهج الفكري نفسه لمؤلَّفٍ سابق له هو “غريب وكلمة” الصادر عن “مواهب أدبية” ودار الفارابي في 2019: أدعوكم أيّها القرّاء لدخول هذا المختبر حيث تجري التحاليل الكيميائية للأفكار، لفئات دمها، ولعتبات تشبّعها وتحوّلها من نبضة فكر إلى نبضة حياة.
وكريم تقي الدين في هذا الكتاب ليس كاتبًا فقط، بل أيضًا ناقد فكري يُعمِل مِبضعه في منظومات القيم على أنواعها، وناقد أدبي يَشْهَر مِشرطه في وجه الرمزية المفرطة لدى بعض الأدباء والشعراء – ذاك “العبث الفكري”، و”الهذيان اللغوي” الذي يمارسونه، باستعلاء، من أبراجهم العاجية ومن فوق وسائدهم وأرائكهم المخملية.
ولعلَّ أجمل ما في الكتاب الانقلاب الهادئ على الأفكار النمطية، الكسولة المتمنطِقة بعباءة المألوف: هي عملية إعادة تقييم القيم، وزنها وتصويبها في شرقٍ مأزوم تلزمه ورشة فلسفية طبّية جَسورة لفحص الجينات الوراثية للمعتقدات والأفكار.
فها الكواليس تصبح مع كريم تقي الدين أكثر صدقًا وصفاءً من خشبة المسرح، وجاذبية العيش على الهامش تطغى على الحياة في قلب الحدث، و”العبوديات المقدَّسة” مصدر كل سعادة، والنسبية أكثر حقيقة من المطلق كونها تُحَفِّز على الارتقاء والكمال، وها الخلود وَهْم: “قد يعيش العظماء في ذاكرة الله، لكنَّ البسطاء يَحْيون في قلبه”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب