كتاب نشيد سيد السبت – أشرف القرقني
الكتاب الذي يهديه، صاحبه، دون شكٍّ، إلى لا أحد، وهو إهداءٌ مفتاحٌ، ستسنُدهُ القصائدُ الموزّعة على شكلِ نشيدٍ مُقطَّعٍ، يُتبع بهوامشَ عن الأسماء في السّبت، عن توقيع بريءٍ، هناكَ أو هنا، وتُختتمُ بفصل في جحيمٍ آخر. يكتبُ الشاعر في آخر قصيدةٍ: “أشرف القرقني. هذا ليس اسمي. إنّه شخصٌ آخر يقتحمُ حياتي الصغيرة. ويُرسِلُني إلى المنافي التي لا تَرَونَ…”، وبالعودةِ إلى بدايةِ النَّشيدِ، نكونُ حيالَ حياتيْنِ، تُسابقُ إحداهُما الأخرى، ليكونَ لها سبتُها وشاعرُها الذي “يَدحَرُ في الكلمات وجوهَ السَّحرة”.
نحنُ في مجموعةِ أشرف القرقني الجديدة، حيالَ استحضارٍ شعريٍّ للأسطورةِ، يُفكِّكُها، يُعيدُ تركيبَها، لكنَّه في كلِّ ذلك، يعيشُ آلامَ الذين سحقتهم آلةُ العالم منذ عذاباتِ الإنسان الأول، وإلى آخر دبابةٍ تسدُّ الطريق أمام أطفالِ المدرسة. تتحوَّلُ الأشياءُ على يدِ أشرف إلى غبار، أو ربّما يذهبُ بها إلى الفناءِ، ليُعيدَ خلقها من جديدٍ كشاعر.
الاعترافاتُ التي تتبَّنى ضمير المتكلّمِ، كثيرةٌ وقاسيّة، تتوزّعُ بين مرايا الذات، والعالم بنقصانه، وأوهامه وكوارثه التي تنتظرُ أرواحَنا المُعذَّبةَ في كلِّ منعطف. هذا ما استدعى، بوعيٍّ شعريٍّ لافت، الشاعر أشرف القرقني، ليكتبَ نشيدَهُ بلغةٍ تنحل من الكتبِ المقدّسة ومرويّات الأساطير والمخطوطاتِ المهملة في مكتباتٍ عتيقة وفي أقبيةٍ لا يدخلُها الضوء. لغةٌ ومشاهدُ وإسقاطاتٌ تحاول ترميمَ اللحظةِ الحرجة بكتابةٍ، تمنحُ نفسَها، أسلوبَها الخاصّ والجريء والمتحرّرَ من زوائد الكلامِ والهذر، يكتبُ أشرف: “أنا بيتٌ أخرقُ مهذارُ. وأبي ربٌّ حجريٌّ ملعون. مهنتُهُ الصَّمتُ. وموسيقاهُ الترسّبُ في نفسه. رماهُ زملاءُ الأُلوهةِ على الأرضِ، لأنَّهُ لم يُشاركْ ولو بحرفٍ في كُتُبهم…”، لكنّ ابنهُ كانَ له التفرُّد بكتابةِ هذا النَّشيد. نشيدٌ ينتصر فيه للإنساني على حساب الآلهة، إذ يقول المسيح في الإنجيل ردّا على من استنكر عليه مساعدة المسحوقين في السبت: “إن ابن الإنسان هو سيد السبت”. هذا إذن نشيد ابن الإنسان.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب