كتاب هل ولد من سيعمر 200 سنة – فلورانس سولاري
لم يزل حلم الخلود يداعب خيال الإنسانية ويدافع فيه حتميّة الموت. لكنّ الخلود لم يعد مجرّد حلم يداعب الخيال بل صار طموحاً يشغل العقول في مختبرات البحث والتجريب. وإذا لم يزر الموت فجأة منتصراً بالضربة القاضية فإنّه مرسل قبله نذراً تتهادى في قافلة الشيخوخة السّائرة بنا إلى الفناء. فمعركة الخلود إن واجهت في باطنها الموت فإنها في ظاهرها مواجهة لنذر الموت، مواجهة بالنقاط تترجمها زيادة سنوات العمر لصالح الإنسان أمام خصمه الأزليّ. ولقد نجح تقدّم الطبّ خلال القرن المنقضي في مدّ مدى الأعمار ثلاثين سنة كاملة ويطمع في المزيد.
وإن خاض العلم معركة الخلود انطلاقاً من مقاربة تنوط بالجينات المسؤوليّة عن كلّ شيء في حياتنا وبمقاربات طبّيّة علاجيّة، فإنّ الوقائع تكشف أنّ للمحيط والسلوك والثقافة والوضعيّة الاجتماعيّة والاقتصادية أيضاً دوراً حاسماً في طول العمر.
ولم ينسَ الإنسان حتى وهو مشغول بصراعه ضدّ الموت أن يطرح إلى جانب الأسئلة العلمية أسئلةَ الوعي المعتادة التي تجعل منه كائناً ليس كبقيّة الكائنات، وهي أسئلة آجلة تتعلّق بملامح إنسان المستقبَل (البيونيّة وما بعد الإنسانية) وانعكاسات إطالة الأعمار على النموّ السكّاني، وأخرى عاجلة تتعلّق بالحدود التجريبيّة والأخلاقيّة لتطبيق نتائج البحوث المخبريّة على الإنسان وبمكانة المسنّ في مجتمعه وسبل تأمين شيخوخة سعيدة له.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب