كتاب يسوع في التلمود – بيتير شيفر
البحث عن يسوع التاريخي هو محاولة لاستخدام الطرائق التاريخية وليس الدينية لبناء تاريخ شخصي موثوق ليسوع. والواقع أننا في طرائقنا البحثية التاريخية نستخدم ما يسمى بالأدلة الداخلية – في حالة يسوع، العهد الجديد وتراث الكنيسة المسيحية – إضافة إلى الأدلة الخارجية، والتي لا تبدو كثيرة في حالتنا هذه.
الأدب الحاخامي هو من أهم ما يقال إنه مصدر للأدلة الخارجية التي يمكن اعتبارها أدلة غير مسيحية على حقيقة الوجود التاريخي ليسوع. وقد أشار كثير من الباحثين المسيحيين إلى أن التلمودين وغيرهما من الأدب اليهودي ما بعد التوراتي ليسوا غير وثائق خارجية، في المقاطع المتعلقة بيسوع والمسيحية، تؤكّد الحقيقة التاريخية لما يمكن اعتباره، من منظور آخر، قصص لا ترقى إلى الواقع التاريخي بأي طريقة. لكن هذا الكتاب، يسوع في التلمود، يتركنا في حيرة شديدة بأسئلته غير المغلقة: هل كتبت المقاطع التلمودية المتعلقة بيسوع كنوع من ردات الفعل على ما قرأه حاخامات اليهود في العهد الجديد ( إنجيل يوحنا على الأغلب؟! ) من نصوص أثارت حفيظتهم للغاية، أم أن ما كتب كانت نتيجة معايشة حقيقية لهذه الدعوة التي خرجت من رحم اليهودية ثم انشقت عنها، إن عبر مؤسسها، أو عبر تلاميذه وأتباعه؟ وإذا كان واضحاً أن النصوص المتعلقة بيسوع والمسيحية إنما هي موجودة في التلمود البابلي عموماً، وليس الأورشليمي – رغم وجود بعض المقاطع ذات الصلة في الأخير – ألا يعني ذلك أن التواصل مع يسوع والمسيحية لم يكن مباشراً، جغرافياً على الأقل، وأن نصوص التلمود البابلي ذات الصلة ليست أكثر من ردات فعل على بعض مقولات الأناجيل، وبالتالي لا يمكن اعتمادها على الإطلاق كوثائق خارجية في مسألة، البحث عن يسوع التاريخي؟ هذه نماذج عن الأسئلة التي يثيرها في الذهن هذا الكتاب الهام، ولا يقدّم عليها إجابات واضحة – وليس المطلوب منه ذلك. من هنا، إذا كان الهدف من هذه الدراسة المساهمة في مسألة البحث عن يسوع التاريخي، لا أعتقد أن من يضع في ذهنه ذلك يمكنه أن يجد هنا ضالته.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب