كتاب 40 في معنى أن أكبر – ليلى الجهني
إنني أكبر، وليس بيدي أن لا أفعل.
كل ما بيدي وأنا أكبر هو أن أعي كيف ينحتني هذا الكبر. ما الذي يأخذه مني؟ وما الذي يضفيه علي؟ وأين سأجد نفسي عندما ينتهي الدرب، وترف الملائكة بأجنحتها من حولي، ويصير ما أعيه خارج الكلمات وأكبر منها؟ وكم سأخسر حينها أنا التي آمنت أن الحياة خسران طويل؟
إنني أكبر ..
ومع ذلك فإنَّ كتابتي هذه ليست عدّاً لأعوامي ولا إحصاءً لها ..
لقد أدركتُ – غيرَ متأخرةٍ على ما يبدو –
أن قيمة وقتي فيما عرفتُه وأعرفه وسأعرفه عني وعن العالم من حولي
وأنَّ انشغالي بإحصاء السنين سيحرمني فرصة أن أعرف جديداً ..
وكلُّ ما أحياه الآن هو : نَهمُ أن أعرف .
لم أعد أريد شيئاً غير أن أعرف أكثر
كي أعيَ مبلغَ جهلي الفادح .. فأحزنَ أكثر مما حزنتُ !
إن الذي يعرف ينأى كثيراً عن صخب السطح وضجيجه ..
يغور وحيداً ..
وقد يفزع ..
وقد يتوحش ..
وقد يألم ..
بل إنه سيألم
لكنه أبداً لا ولن يؤذي !
أجل ، من يعرف لا يؤذي
لأن الإيذاء خسارة في الروح والوقت
ولأن الإيذاء ضعف
ولأن الإيذاء هزيمة متأخرة
ومن يعرف لا يحب أن يخسر ، ولا أن يُهزَم !
إن الذي يعرف كذلك قادر على اصطناع بهجته الخاصة فوق رملٍ يرتعب من الحياة حين تتوق إلى التعبير عن نفسها . قادر على أن يعذر ، وأن يمضي إلى الأمام ، فإن التفتَ فإنه سيلتفتُ لأن الحنين ينمو مع الوقت ، ولأن التفاتةً إلى الوراء لا تعني – حينئذٍ- أكثر من سلامِ العابرِ للعابر ؛ وجُلُّ الحياة – حينما أتأملها – عابرٌ يُحَيّي عابراً ..
وأنا لا أريد أن أعبر دون أن أعرفَ كل ما يمكنني أن أعرفه !
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب