كتاب 700 يوم في بغداد – لورا مقدسي
وشرب السفير قاضي نخب العراق وتمنى أن تستعيد بغداد قريباً وهجها القديم. لكن الأمور كانت تسير بعكس المرتجى. وبغداد جديدة كانت على وشك أن ترى النور. الشيوعية؛ الاشتراكية؛ والليبرالية أصبحت كلها من الماضي. بغداد القديمة التي كانت تغلي بالإتجاهات العلمانية والثقافة اليبرالية؛ المدينة التي قرأت بنهم ما كتبته القاهرة وطبعته بيروت؛ المدينة التي احتفلت بالماجن أبي نواس الذي كان يقارع الخمر بقدر ما كان المسلمون يصلون ماتت! الاشتراكية العربية ماتت! بغداد بحزبها الشيوعي الأقوى في العالم العربي ماتت! إسلام سياسي جديد برز على الساحات العربية ومرشح أن يبقى ويستمر. هذه القوى الجديدة تسللت عبر استياء الناس؛ وصوّرت الغرب مصدراً لكل الشرور. فالديمقراطية؛ والشيوعية؛ والاشتراكية كلها بضاعة أجنبية هدفها نشر الفوضى والارتباك في الشرق. العراق الجديد خاضع لآيات الله في النجف. والشرق الأوسط الجديد مرتبط بالإخوان المسلمين وحزب الله وتنظيم القاعدة والنصرة. هذا الشرق الأوسط الجديد يكاد يصبح مكاناً خطراً؛ رجعياً؛ تحركه الغرائز الدينية: فينتفض الشيعة ضد السنة؛ والكرد ضد العرب؛ وإيران الفارسية ضد دول الخليج العربي؛ والمسيحيون ضد المسلمين؛ إذا لم تستبدل طموحات الهيمنة والاستعمار السياسي بصيغ التعاون؛ وإذا لم تترجم العدالة إلى توافق. وإذا لم يكّف الفائزون عن الاعتقاد أن من حق الرابح وحده أن يأخذ كل شيء؛ والخاسر لا شيء! لورا مقدسي صحافية وكاتبة لبنانية. عملت منذ 1994 في الصحافة السويدية والعربية. والتحقت بالأمم المتحدة في كل من العراق والسودان. نشرت كتابها الأول بالسويدية “700 يوم في بغداد” عام 2009 والذي يعالج المرحلة الانتقالية للعراق من الديكتاتورية إلى الوضع الحالي؛ وأسباب الفشل الأميركي في خلق عراق آمن؛ مستقر؛ وديمقراطي. صدرت الترجمة الألمانية للكتاب عام 2010.