مسرحية أناتول وجنون العظمة – أرتور شنيتسلر
تقدم سلسلة «إبداعات عالمية» لقرائها، ضمن هذا العدد، مسرحية من روائع الأدب النمساوي «أناتول وجنون العظمة» لمؤلفها أرتور شنيتسلر، الذي يعتبر من رواد الحداثة، الذين خرجوا من قوقعة ما كان يعرف بالأدب الواقعي لمواكبة ما هو جديد.
بل إن شنيتسلر استطاع أيضا أن يبرز من خلال مسرحيته ذات الفصل الواحد «سؤال إلى القدر»، واستخدم كلمة «اللاشعور» قبل أن يوردها عالم النفس المعروف سيجموند فرويد في كتابه «تفسير الأحلام». كتب فرويد في إحدى رسائله التي كان يبعث بها إلى أرتور شنيتسلر يقول له فيها: «اعتناقك لحقائق اللاشعور والطبيعة الغريزية للإنسان، وتحليلك لصنوف الاطمئنان الثقافي التقليدي، والتصاق أفكارك بثنائية الحب والموت، كل هذا يمسني بألفة هائلة …».
أما بالنسبة لمسرحيته «أناتول وجنون العظمة» فهي سلسلة مسرحية تضم ثماني حلقات أو مسرحيات ذات مشهد واحد، مترابطة فيما بينها. جميع هذه الحلقات أو المسرحيات تعرض حوارا بين أناتول – وهو شخصية أنانية ذات أهواء مضطربة – الذي يروي قصص حبه للنساء على مسامع صديقه ماكس، الذي لا يعدو كونه مستمعا، أو أنه موجود لوضع النقاط على الحروف، مما يعطي الانطباع بأن الحوار في هذه السلسلة المسرحية ليس سوى مونولوج. وهذا النوع من الحوار كان شائعا في أوساط معينة من المجتمع في فيينا آنذاك، ويرمي المؤلف بعرضه إلى ما هو أبعد من الاستهزاء بالنمط المتدني من الحياة لدى تلك الأوساط، فهو ينتقد أفكارا معينة موجودة لدى شريحة أكبر من الناس.
وبهذا يكون أرتور شنيتسلر قد تمكن من تحقيق عمل جديد في عالم الأدب، إذ أرسى قواعد جديدة في الكتابة المسرحية، كالتجسيم الأدبي لتيار الوعي والمسرح ذي المستويين، سابقا بیرانديللو بعقدين من الزمان، كما نجد بجانب التحليل النفسي، بدايات مسرح العبث واللامعقول والمسرح الاحتفالي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
