مسرحية إنسان روسوم الآلي – كاريل تشابيك
جاء القرنُ العشرون ، وأصبحت الآلةُ جزءاً من حياتنا اليوميّة، والإنسانُ جزءاً من الآلة التي يديرها، وأخذ الإنسان ينظر إلى المستقبل الذي أمامه؛ هل يضحّي بالآلة في سبيل إنسانيّته مقابل متعة العمل بيديه في الحقول عائداً إلى الماضي ببساطته، أو يتقدّمُ إلى الأمام في شجاعته، ويطوّرُ الآلةَ ليجعلَها تعمَلُ من دون إشراف منه، ويستمتعُ هو بوقت فراغه في الخَلْق الفنّي والابتكار والتعبير والابداع حتى يصل إلى الكمال؟
في منتصف القرن التاسع عشر كَثُر الحديث والكتابة عن نوع غريب من الآلات أُطلقَ عليها ” العقول الإلكترونيّة “، التي حوّلت الحلم إلى واقع، ونقرأ اليومَ عن العقول الإلكترونيّة الحاسبة، وعن الآلات التي تلعب الشطرنج ، وتُترجم الكتبَ ، وتجيب عن ِأسئلة في مختلف العلوم والمعرفة، وتعزف الموسيقا.
في زمن هذه الثورة الصناعيّة برز الكاتب المسرحيُّ والروائي ( كارل تشابيك ) الذي وُلدَ في مدينة (براغ) في (تشيكوسلوفاكيا) سابقاً . واشتُهِر عندما أدخل “الروبوت” في اللُّغة العصريّة في مسرحيّته ” إنسان رسوم الآلي “، وترمُز هذه الكلمة في اللُّغة التشيكيّة إلى السُّخرة أو العمل الإجباريّ.
ومن هنا بدأت هذه الكلمةُ تنتشرُ في الكتب وأفلام الخيال العلميّ التي قدّمت عدداً من الفِكَر والتصوّرات لتلك الآلات وعلاقتها بالإنسان، الأمرُ الذي كان من شأنه أن يفتح آفاقاً للمخترعين ليبتكروا، ويطوّروا ما أمكن.
الكاتبُ والنصّ
لقد صوّر الكاتبُ (تشابيك) منجزاتِ الثورةِ الصناعيّةِ في مسرحيّته ” إنسان روسوم الآليّ” عام (1920)م.
عالج فيها فكرةَ الوصول إلى الإنسان الآليِّ الخلّاق الذي بإمكانه أن يصبح سيّداً للطبيعة. وهو بذلك يحذّرُ في هذه المسرحيّة من التقدّم العلميّ، أنه قد يؤدي إلى هلاك البشريّة، فعندما يقوم الإنسان الآلي بعمل كلّ شيء من صناعة وتجارة وزراعة يصبح الإنسانُ الحقيقيُّ من دون عمل محروماً من لذّة الإنجاز وسعادة العمل، وتطالب الجمعيّاتُ في المسرحيّة بالرفْق بالإنسان الآلي فيردُّ أصحابُ المصنع الذي ينتج الناسَ الآليين: إنهم لا يملكون أرواحاً، فلا شيء يفرحهم، ولا شيءَ يُحزنهم، إنهم لا يطالبون بإنقاص ساعات العمل، ولا بحقّ الانتخاب، ولا بزيادة الأجور.
وفي المسرحيّة يثور الإنسان الألي على سيّده الذي أدخل تغييراً في جسمه؛ فجعله يمتلك مشاعر وانفعالاتٍ، ليسيطرَ – فيما بعد – على كوكب الأرض بعد أن يبيد الإنسان، لكنّه؛ أيّ الإنسان الآليّ، يقع في مأزِق بعد أن أهلك سيّده؛ لأنّه لا يعلم سرّ صُنعه، وهكذا يتّهم الكاتب المخترِعَ العلميّ بالثراء التجاري باسم السعادة
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا