مسرحية مولانا – الفارس الذهبي
قرأت المسرحية عدة مرات فازداد إعجابي بها جداً ، وساعدني المؤلف الذهبي كثيرا بإشاراته وتوجيهاته فجعلني أحوِّل في مخيلتي النص إلى عرض، أعترف بأنني استمتعت به كثيرا.
ولا شك أن المؤلف أدرك بحسه المرهف الرائع وقراءته الدقيقة للموضوع أن علاقتي بمولانا ستساعدني على فك شفرة توجيهاته وإشاراته، وأرجو أن أكون نجحت. بل وأرجو للمخرج والممثلين وصانعي الديكور والموسيقى أن يجيدوا قراءة هذا النص الذي لا أتردد الآن في القول إنه مذهل.
الفضاء، فضاء العرض، هو سفح جبل “قاسيون” حيث مرقد ابن عربي في دمشق بمآذنها وقبابها وباختلاط أصوات المؤذن بأصوات المنشدين، بأصوات الأغاني الصادرة عن المذياع، بأصوات الباعة والمنادين على السلع في السوق. وهي أصوات لا تقدم خلفية للمشاهد، بل هي جزء من العرض، ينجح المؤلف في توظيفها كجوقة بحسب المقام والحال (حال البطل ومقامه). اختلاط الأصوات هذا وتعددها واختلاف طبقاتها وتنغيماتها ماذا يعني؟ أوركسترا الموسيقى الكونية؟ ربما.
البطل الوحيد في العرض درويش شاب “عابد” في ثياب المولوية، وهو ابن خادم مسجد مولانا محيي الدين بن عربي. الأب رجل صالح ينتمي إلى هؤلاء المؤمنين الطيبين الذين يفزعهم كلام المتصوفة وشطحاتهم؛ لأنهم أقرب إلى الأمان في عباءة الدين المعياري، دين الحلال والحرام، دين المكروه والمباح. هؤلاء المؤمنون الذين يعشقون الاحتماء بالجماعة، ولا يحبون الفرد الذي يخرج عن السرب: التغريد خارج السرب نشاز. لكنهم في نفس الوقت لا يكرهون المتصوفة، بل يحبونهم ويجلونهم وإن كانوا لا يوافقون على اختياراتهم. هذا هو بعد الصراع الأول في النص حيث الإبن أشبه بروح تبحث عن اكتمالها وعن صفائها. يريد أن يلتحق الشاب بفرقة المولوية ليتعلم طقوس الذكر التي يقودها الشيخ “عبد القدوس”. الأب يؤرقه أكثر ما إذا كان ولده قد حفظ الألفية – ألفية ابن مالك في النحو – متفوقا على أقرانه. التفوق على الأقران هو معيار التفوق عند الأب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب