مسرحية يا طالع الشجرة – توفيق الحكيم
«الزوجة: نعم، الله سلَّم ولطف، واجتزنا أيامَ الفقر، وعندما جاء الفرَج طلَبْنا الخلف، لكن هيهات! إنه السقط الأول، ولا شكَّ كان قد أثَّر في رَحِمي، نعم هو السقط الأول!
الزوج: نعم، هذا السقط الذي حدَث ليس على كلِّ حالٍ بشيء ذي بال، إنه لا يعدو أن يكون ثلاث أو أربع ثمرات من البرتقال الأخضر الصغير في حجم البندقة.»
يتخذ «توفيق الحكيم» من مطلع الأغنية التراثية الشعبية «يا طالع الشجرة هات لي معاك بقرة» عنوانًا لهذه المسرحية، رابطًا بين فنِّ اللامعقول من ناحية، والرمز من ناحية أخرى؛ فالأغنية في معناها الحرفي غير معقولة؛ إذ يستحيل أن نجد بقرةً فوق الشجرة، ولكنها في جوهرها محمَّلة بالرمز؛ حيث إنها موَّال يجري على لسانِ رجلٍ فقير يسأل مَن اغتنى أن يَجود عليه ببقرة تسقيه شيئًا من حليبها؛ وبذلك يؤكِّد «الحكيم» على تأصُّل اللامعقول في تراثنا الشعبي. أمَّا المسرحية فهي تنتمي في ظاهرها إلى مسرح اللامعقول، ويبدو ذلك جليًّا في المشهد الذي جمع بين الزوجَين بطلَي المسرحية وهما يتحاوران ظاهريًّا، ولكن الحقيقة أن كلًّا منهما يُحدِّث نفسَه عن الموضوع الذي يشغله، فيرمز الحوار في جوهره إلى الصراع بين الفنِّ مجسَّدًا في الزوج الذي يرعى شجرة فنه، والحياةِ مجسَّدةً في الزوجة التي ترعى جنينَها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب