رواية ليالي إشبيلية – نردين أبو نبعة
اعلم يا بنيَّ أنَّ كلَّ ابتلاء اختبار، وقبل كلِّ معركة فاصلة لا بدَّ من غربلة، ولن تكون الغربلة إلَّا باختبار. فليس كلُّ من في الصفِّ جندًا، وإن بدا لك أنهم يحملون السيوف ويتدرَّعون بالدروع. فالله يختبر قدرتك على إشهار سيفك في وجه شهوتك قبل وجه عدوِّك.
ومادَّة الاختبار تكون في ما تعلَّق به قلبك، واشتدَّت إليك حاجته، وعظُم في صدرك. واعلم أنَّ توالي الابتلاءات وتتابُعها يعني اقتراب المعركة الكبرى، وتوالي سقوط كثيرين يعني أنَّ الله لا يريد أن يحمل راية النصر إلَّا الأطهار، ولا يمتطي خيل التحرير إلَّا الأنقياء المخلصين.قوم طالوت كانوا ثمانمئة ألف، وظلَّ طالوت يغربلهم حتى صاروا ثلاثمئة وخمسة عشر، فالنصر صناعة الخُلَّص. وكلَّما اشتدَّت المحن وزادت الابتلاءات على الأمَّة، فاعلم أنَّ المعركة الفاصلة على مقربة. وكلَّما علا الخبث وفرغت السلال من الغِلال، فاعلم أنَّ الله يريد أن يُحيي الأمَّة من جديد.
طالوت اختبر جيشه بنهر، لأنهم عطاشى. فمَن يقدر على ظمئه، يقدر على عدوِّه.
ومَن لم ينقِّ بِذارَه، فستكون غَلَّته خاسرة يعلوها السوس، وهنا تكون الكارثة.
الله يختبر يقينك المعلَّق بين الكاف والنون.
والنصر مرهون بالصبر، والصبر يحتاج إلى دُربة. والله يدَّخر النصر للصفوة، ولمن توضَّأ بدمع التوبة.
{لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}.
اعلم يا بنيَّ بأن ليس كلُّ الورد يحمل العطر، وليس كلُّ مَن حولك درعًا!».
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب