رواية مروية فارس الصباي – بيير لوتي
يكتب (بيير لوتي) رواية مشبعة بالمأساة، نشرها عام 1881م، حيث يتتبع مصير الجندي الفرنسي (جان بيكورو) القادم من ريف (الأوفرن) إلى أرض (السنغال) البعيدة. ينقله النص من بساطة قريته إلى قسوة الخدمة العسكرية في صفوف الفيلق الفرنسي الاستعماري، وسط مناخ استوائي خانق وواقع استعماري غريب، فيجد نفسه ممزقًا بين حنينه إلى الوطن وانجذابه إلى عالم جديد. الرواية مشبعة بصور حسية للغربة: حرّ الشمس، رائحة البحر، وصخب الثكنات التي تحوّل الشاب إلى كائن منفي داخل جسده، فيما يعيش صدمة الاحتكاك بعالم يختلف كليًا عن عالمه الأول.
تتقدم الحكاية بمشاهد متقطعة تجمع بين لحظات حب عابرة عاشها مع امرأة سنغالية وبين قسوة الانضباط العسكري، حيث يكتشف (جان) أن قلبه لا يملك سلطة على مصيره. هنا تتجلّى قدرة (لوتي) على المزج بين وصف الواقع الاستعماري الصارم والشجن العاطفي، فيرسم صورة لشاب يذوي بعيدًا عن جذوره، وكأن حياته كلها صدى لحنين لا يجد مرفأً.
هذا العمل ليس مجرد رواية عاطفية، بل شهادة أدبية على ضياع جيل من الشبان الفرنسيين الذين أُرسلوا إلى حروب لم يختاروها. إنه نص عن الاغتراب والموت المبكر، وعن هشاشة الفرد أمام قدر جماعي يتجاوزه. بذلك تتحول (مروية فارس الصباي) إلى مرثية لشباب مهدور في مغامرات استعمارية، وإلى تأمل في معنى أن ينطفئ العمر قبل أن يزهر.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب



