قريبا

كتاب الإبادة الجماعية في غزة – آفي شلايم

يقف المجتمع الدوليّ اليوم على حافّة هاوية قانونية وأخلاقية، إذ إن إفلات إسرائيل المستمرّ من المحاسبة لم يؤدِّ إلى تصعيد ممارساتها الشنيعة فحسب، بل بات يُقوّض أسس القانون الدوليّ ذاته. وفي هذا السياق، شكّل قرارُ محكمة العدل الدوليّة إدانةً صريحةً وواضحةً لسلوك إسرائيل، مؤكّدًا عدم شرعيّته وطابعه الاستعماريّ التوسّعي، بما يُمهّد لتحوّلٍ حقيقيّ في الموقف الدوليّ. لقد جاء هذا القرار بمثابة نداءٍ حاسمٍ ينبغي على الدول أن تُصغي إليه، فلم يعُد مقبولًا – لا أخلاقيًّا ولا قانونيًّا – الاستمرارُ في التعامل مع الاحتلال كأمرٍ واقع. بل أصبح التخلي عن هذا الموقف التواطئيّ التزامًا قانونيًّا صريحًا يقع على عاتق الدول.

بالنسبة إلى كلٍّ منّا، لم يعُد هناك متّسعٌ للتقاعس: لقد حان وقتُ الفعل. فالشعب الفلسطيني بات يواجه تهديدًا وجوديًّا، ومن محض الحماقة تصوّرُ أن أيًّا من هذه الأعمال والسياسات قد يجعل الإسرائيليين أكثر أمانًا واستقرارًا، في عالمٍ نرجو أن يكون قد شهد آخر إبادة جماعية في التاريخ الحديث. علاوة على ذلك، إذا فشل المجتمع الدوليّ في محاسبة إسرائيل في أعقاب هذا العنف المتواصل، فإنه بذلك يكون قد حطم عن قصد الأساس الذي قام عليه القانون الدوليّ على مدى القرن الماضي. وكما حذّر المدعي العام للمحكمة الجنائية الدوليّة من أن التطبيق الانتقائي للقانون من شأنه أن يتسبب في الانهيار التام لمنظومة العدالة الدوليّة في نهاية المطاف. وبينما نشاهد أول إبادة جماعية استعمارية استيطانية تُبثُّ مباشرة، يصير تحقيق العدالة ضرورة لا تحتمل التأجيل، لأن العدالة وحدها، بمفهومها الأوسع، قادرة على مداواة الجروح التي تركتها المصالح السياسية تتقيَّح لعقود. وكما اختتمت تقريري الأخير، «الإبادة الجماعية كمحو استعماري»، فإن الفتك بهذا العدد الهائل من الأرواح لا يشكِّل فقط إهانة للإنسانية، بل يمثِّل أيضًا تهديدًا جوهريًّا لكل ما يجسّده القانون الدوليّ.

– فرانشيسكا ألبانيزي – المقرِّرة الخاصة للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب

لتحميل ومناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا

كتب من نفس القسم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى