رواية حبل الجدة طوما – عبد الوهاب عيساوي
ها قد طفا جسده على الماء، وعيناه تحدقان إلى عمق البحيرة، كأنه يبحث عن أشجار لوز منسية في القاع. ولم يكن يعلم كيف وصل إلى ذلك المكان، ولا أي روحدفعته إلى هناك دفعا، فشرع يتساءل: أما من حبل يسحبني ويُعيد شريط الحكاية إلى نقطة البداية ؟” لكنه لم ير إلا وجوها قديمة، وجنودا يصطفون في خط لا نهائي. وبرك دماء تسبح فيها ذئاب رمادية، ثم تختفي وتحل محلها وجوه صبية يركضون خلفه، وعجائز يلوحن له من بعيد كأنهن ينادينه، والدخان يتصاعد من بين أصابعهن. أما الصوت فتحول إلى ضجيج لم يلبث أن انقطع فجأة، وعندئذ رآها تقترب حتى كادت تلامسه، وهم بنطق اسمها لولا أن تدفق الماء إلى جوفه ومعه الوحل العفن فتخبط لحظات ثم سكن وانسابت جثته نحو وسط البحيرة. وعلى عكس سمكات الشبوط الفضية التي لم تجرؤ على الاقتراب منه، توافدت الغربان على ظهره تباعًا، وبادر أكبرها بنقر الجسم الهامد.

تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب



