كتاب الرامايانا الهندية – ملحمة الأله راما – فالميكي
في كتاب “الرامايانا” تغلبت الحكم الخلقية على ما عداها، بيد أن هذا لا يعني إطلاقاً، أن الملحمة أغفلت الجوانب الروحية التي تطالعنا بها كتابات الحكمة الهندية.
فمسألة التدخل الإلهي في مسيرة الخلق، وما يعقبها من استمرار أو فناء، كذلك قانون الثواب والعقاب، وسواه من التعاليم، تتداخل كلها بين دفتي الكتاب، في سياق القصة، وفي أخبار الأسلحة الإلهية، متلاحقة كأنها صور رمزية غير خافية على فطنة القارئ، مترائية خطاً نورانياً دقيقاً يربط بين طرفيه، تجسيد الحدث المادي والبعد التجريدي الماورائي.
في مثل هذه القراءات، يبقى التركيز على الباطن الداخلي، أهم ما يخفيه ظاهر الحدث، وإلا وقع القارئ في محظور الاستغراب، فَرَفَضَ المضمون والمحتوى على حدِّ سواء. وهنا سنتوقف قليلاً على محطات “الرامايانا” هي الأهم، فالكتاب غني بالعبر والحكم والتعاليم، ما يتسع لمجلدات، وتضيق به مكتبات. تطالعنا “الرامايانا” بأخبار الناس يعيشون بسلام واطمئنان، عهد الملك “داشاراتا” لا أمراض تذكر، لا معنى للبؤس، ولا للحسد، ولا للحقد، فالاهتمام منصب على الشريعة فقط وحدها النعم قائمة، لأن الملك كان عادلاً، قوياً، مستقيماً صادقاً.
والحكمة تقول: بكذبة واحدة يتفوه بها الملك تعم النقيصة الأرض وينهار الحكم. في الجهة المقابلة، نرى الضد، أو الشرير، أو الإبليس “رافانا” يعبث في الخلق فساداً، وينشر الظلم والرعب في الكائنات؛ لأن لا شريعة له تردعه، ثم تقرأ كيف أن صراخ الشعب تعالى مخترقاً حجب السموات، وأن الآلهة تركت منازلها قاصدة جدّ الخليفة، الإله براهما، مطالبة إياه بعودة الهدوء والسلام إلى الأرض.
حينذاك، كان الملك “داشاراتا” يقيم ذبيحة إلهية، وكان أن شهد الإله “فيشنو” عذابات الخلائق، وسمع نداء الآلهة، فرضي بهذا الملك أباً له. وعلى هذا النحو أخذ شكل إنسان، ودعي فيما بعد “راما” وتمضي القصة فتتحدث عن تجسد رفقاء شجعان، سريعين كالريح، وحوريات سماويات بأجساد إلهية، ولدوا ليساعدوا “راما” في تأدية رسالته على الأرض. صورة نراها تتكرر في معظم الديانات والحضارات. وكلمة موجزة تقال في ملحمة “الرامايانا” أنها نبع يفيض حكماً أخلاقية سامية، وأسلوباً رفيعاً في آداب الملوك السياسية، ودستورا مطلق الاحترام، ذلك أنه في تطبيق الشريعة في الحضارة الهندية، يرتبط السلوك الخلقي بالعدالة الإلهية، والنظام الأخلاقي الذي يحكم مصائر الشعوب، هو نفسه النظام الكوني الذي يسيّر العالم.النبذة منقولة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا