روايات عربية
رواية مراثي أوليس (المريد) – إبراهيم الكوني
قالت بيانًا آخر فهم منه نصيباً أصغر وغاب عنه النصيب الأكبر. قالت وقالت حتّى اضطرّ أن يقمع على لسانها القول بسؤال:
“ولكن بحقّ الربّة تانيت, من أنت؟”
لم تصدّق سؤاله, فأطلقت ضحكةً عصبيةً. سكتت ولكنها سرعان ما استعادت ثقتها بنفسها لتجنب عن سؤاله بسؤال: “أتنكرني؟”، فأجابها بقولٍ مستعارٍ من ناموس التسليم: “ظننت يا مولاتي أنّنا يجب أن ننكر حتّى من عرفنا، فكيف لا ننكر من لم نعرف؟”
رمته بنظرة غضبٍ، ولكنّ الغضبة تحوّلت ذهولاً. ولكنها تمالكت نفسها مرّةً آخرى. قالت بحزن: “إذا لم يكن النكران، فلا شكّ أنّه النسيان!”رمقته خلسةً، ولكنّه سرح ببصره في السهول المكسوّة بالعشب الأخضر، على شفتيه ابتسامة غامضةٌ، في عينيه سكينة المعتزلة الأبديّين. قالت كأنها ترثيه لنفسها قبل أن ترثيه للأغيار: “النسيان هو البلاء الأسوأ من الموت!”