كتاب الرجل الصنم .. مصطفى كمال أتاتورك .. سيرة رجل ودولة – ضابط تركي سابق
إن المرء لا يملك إلا أن يتذكر الحكمة القائلة من أن الناس مستعدون لتصديق كذبة سمعوها ألف مرة أكثر من إستعدادهم لتصديق حقيقة لم يسمعوها إلا مرة واحدة.
وهذا الكتاب يقدم تلك الحقيقة التي ربما ستفاجئ الكثيرين، فهو يكشف حقيقة وشخصية مصطفى كمال أتاتورك الذي غير معالم أمة، والذي يعدّ رجل تركيا الأول، صانع تركيا الحديثة، والذي من غير المسموح التلفظ بكلمة ذمّ بحقه، فقد جعلت تركيا منه صنماً في حياته وبعد مماته.
من هنا، كان العنوان الذي اختاره المؤلف هو “الرجل الصنم”، هذا وإن السبب الكامن وراء تزييفٍ لكل حقيقة هو أن جميع الأبواب والمسالك والطرق تسد في وجه جميع الآراء، وتكمم جميع الأفواه، ولا يبقى سوى رأي واحد يسمح له بالوجود حيث تفتح أمامه جميع الأبواب، وتسخر جميع الأبواق، ويظل هذا الرأي يتردد ويتردد لسنوات حتى يترسخ في الأذهان كحقيقة لا سبيل إلى نقاشها، وكما ستالين الذي تم تصويره كأب حنون… بابا ستالين، وثم إقناع الناس بشخصيته هذه، داخل روسيا وخارجها، إلى أن من جاء بعده كشف عن شخصيته الحقيقة كدكتاتور وسفاح و…
إلا أن المشكلة بالنسبة لمصطفى أتاتورك أنه لم يسمح بإظهار شخصية على حقيقتها، قبض على الحكم بعد سلسلة من المناورات – بيد من حديد، وأقام نظاماً دكتاتورياً تحت لافتة الجمهورية، وقدم نفسه على أنه منقذ تركيا وبانيها، أما القواد الكبار الذين قادوا حركة التحرير، فقد تركوا لزوايا الإهمال، ومشكلة الكشف عن الهوية الحقيقية لمصطفى كمال أعقد من الكشف عن شخصية ستالين… فالذين جاؤوا بعد ستالين كشفوا حقيقة، أما الذين جاؤوا بعد مصطفى كمال فقد عملوا على العكس، أصدروا قانوناً لحماية مصطفى كمال من أي إنتقاد، ولا يزال هذا القانون سارياً حتى اليوم.
في تركيا اليوم من المسموح لك القدح في المقدسات، ولكن من غير المسموح التفوه بحرف يمس بالسوء مصطفى كمال، لقد جعلوا منه صنماً في حياته وبعد مماته…
هكذا يحاول المؤلف الذي لم يتم التصريح بإسمه ليجتنبه هو وأفراد عائلته محناً وآلاماً ومضايقات كثيرة، الكشف عن شخصية مصطفى كمال ويكتشف في شخصه جميع آثار الهزيمة النفسية التي تتبع الهزائم الكبيرة للأمم عادة حيث كان يعتريه شعور عميق بمركب النقص وإشمئزاز من النفس ومن الماضي ومن جذور الأمة وقيمها الروحية ومن نظرتها إلى الحياة وإلى الوجود، وتحميل هذه القيم والأفكار أسباب التأخر والهزيمة دون أي تمحيص أو تدقيق أو محاسبة أو تحليل، ثم إعجابه الكبير والذي لا حدّ له بكل قيم الحضارة الغربية.
ويضيف المؤلف أن المتمعن في حركة مصطفى كمال يرى العجب في المدى الذي وصل إليه في تقليد الغرب: غيّر الأحرف التركية إلى اللاتينية، غير القيافة إلى القيافة الغربية، غيّر حتى الأعياد الدينية، وجعل يوم الأحد هو يوم العطلة الأسبوعية بدلاً من يوم الجمعة، ومنع الحج: فهو الرجل المعجب بالغرب إلى حدّ الإنبهار، وهو الرجل الذي هدم الخلافة التي كانت مصدر قلق كبير للغرب.
وإلى هذا يقدم المؤلف وثيقة مذهلة تبين مدى إرتباط مصطفى كمال بالغرب بالإنكليز بالذات، وهو موضوع سيطلع القارئ على تفاصيله في فصول هذا الكتاب، والوثيقة نقلها المؤلف بنصها الحرفي من جريدة الأهرام التي قامت بنقلها من جريدة “الصنداي تايمز” في يوم الخميس 16 ذي القعدة 1317هـ الموافق لــ15 فبراير/ شباط 1968 تحت عنوان: كمال أتاتورك رشح سفير بريطانيا ليخلفه في رئاسة الجمهورية التركية.
ويمكن القول بأن المؤلف لم تكن غايته من هذا الكشف لحقيقة شخصية مصطفى كمال مجرد سرد لا يتجاوز تصوير قصة حياته، ولا كان هدفه تقديم تفاصيل كثير عن حياته، إنما كان حرصه الوقوف على أفضل وأصوب الخطوط من حياة مصطفى كمال التي يشكل عناصر ومواقف فكرية هامة، وشكلت منعطفاً هاماً في السياسة التركية وفي مصيرها التي آلت إليه بعيداً عن الخط الإسلامي.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
لمناقشة الكتاب فى جروب قهوة 8 غرب اضغط هنا