كتاب قراءة معرفية في الفكر الأصولي – قطب مصطفى سانو
لا تفتأ الحاجة العلمية ماسة إلى أبحاث عميقة في تاريخ المناهج و الأفكار و ما تزال الساحة الفكرية الحصيفة ترنو يوما بعد يوم إلى الوقوف على اثر الزمان و المكان و تأثيرها في المبادئ و الآراء و المنطلقات بل إن التطلع إلى تعهد منهجية أو مبدأ أو فكر بالمراجعة أو التطوير أو التجديد لا يمكن له أن يتم ما لم يسبقه كشف دقيق و أمين لأثر الظروف الفكرية و الأحوال السياسية و الاجتماعية
في تشكل تلك المنهجية أو ذلك المبدأ و يعرف هذا الكشف عند أهل العلم بتاريخ العلوم بالقراءة المعرفية .
إن الواقع العلمي الإسلامي سعد في القرون الأولى بتشكيل متلاحق و متتابع لعدد من المنهجيات إذ تشكلت في النصف الأول من القرن الثاني الهجري منهجية عنيت بضبط المرويات من الأقوال و الأفعال و التقريرات المنسوبة إلى المصطفى صلى الله عليه و سلم و عرفت تلك المنهجية بعد بعلم الحديث ثم تشكلت قبيل منتصف ذلك القرن نفسه منهجيتان و هما : المنهجية الكلامية التي عرفت بعد بعلم الكلام و المنهجية الفقهية التي أطلق عليها فيما بعد علم الفقه و تلا تشكل هاتين المنهجيتين عند نهايات القرن الثاني تشكل منهجية رابعة عرفت بعد بعلم الأصول و هكذا تتابع تشكيل المنهجيات في الفكر الإسلامي و تحولت تلك المنهجيات إلى علوم فغدا ثم علم للتفسير و علم للخلاف و علم القواعد الفقهية و هكذا دواليكم .
انه ليس من شك في انه قد كان للظروف الفكرية و الأحوال السياسية و الاجتماعية اثر غير منكور في تشكل هذه العلوم و تكوينها اعتبارا بأن نشأة الواحد منها ارتبطت ارتباطا وثيقا بالواقع الفكري الذي كان مخيما و بالواقع الاجتماعي و السياسي الذي كان سائدا آنذاك و من غير الوارد الارتقاء بهذه العلوم تطوير و تجديدا و تفعيلا ما لم يتم الوعي الحصيف بتلك الظروف الفكرية و الأحوال السياسية و الاجتماعية التي كانت قائمة عند تشكل هذه العلوم .
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب