كتاب تجربة الإسلام السياسي – أوليفيه روا
هذا الكتاب لا يتناول الاسلام بعامة ولا حتى منزلة السياسة في الثقافة الاسلامية فموضوعه هو الحركات الاسلامية المعاصرة أي فصائل الملتزمين الناشطين الذين يرون في الاسلام ايديولوجية سياسية بقدر ما يرون فيه دينا بحيث انهم يولجون أنفسهم ويدخلون في قطيعة واضحة مع بعض السنن والتقاليد , انها تلك الحركات التي حملت منذ بضعة عقود من السنين ولا سيما خلال العقد الأخير , لواء الاحتجاج ضد الغرب واضطلعت بمناهضة الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط .
فهل يقدم الاسلام السياسي خيارا بديلا للمجتمعات الاسلامية ؟ ذلك هو موضوع هذا الكتاب .
ويبدو لنا أنه ليس من الحصافة الفكرية في شيء أن نعالج العلاقات بين الاسلام والسياسة كما لو كان ثمة اسلام أزلي مفارق للزمن هذا فضلا عن أن ذلك يكون خطأ تاريخيا , ونحن نباين حين نقرر ذلك الخطاب الشائع بين المثقفين الاسلاميين بمقدار ما نبتعد عن ” رؤية المرايا ” أي تلك النظرات التي يعكس بعضها بعضا , والتي لا تزال تسود جانبا من الاسلامولوجيا الغربية أو بتعبير أدق ما سوف أطلق عليه في الصفحات اللاحقة صفة ” الاستشراق ” أي ادراك الاسلام والمجتمعات الاسلامية كمنظومة ثقافية كلية شاملة ومفارقة للزمن .
وذلك ليس لأننا نريد التنكر لأربعة عشر قرنا من الثبات اللافت والاستقرار المشهود في العقيدة والتدين ورؤية العالم في المجتمعات المسلمة بل لأن الممارسات السياسية الملموسة خلال هذه القرون كانت متعددة ومعقدة ولأن هذه المجتمعات متنوعة على المستوى الاجتماعي , اذ غالبا ما ننسى أن ثمة مروحة واسعة من الآراء الشائعة بين المثقفين المسلمين حول ما ينبغي أن تكون عليه الترجمة السياسية والاجتماعية للرسالة القرآنية والحال ان لدى المستشرقين الغربيين ميلا مفرطا الى حسم الجدال ونزعة مغالية الى ابلاغ المسلمين بما يقوله القرآن حقا , أو الى تبني وجهة نظر مدرسة اسلامية خاصة بعينها وتجاهل سواها .
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب