رواية حكايات عادية لملء الوقت – بهيجة حسين
لم تترك لي أمي شيئًا أهم من الحكايات، فبمجرد أن إنفتحت ذاكرتي وخرجت من الثقب المغلق الذكريات التي تخص في الحقيقة أمي، وأنا مجرد شاهد عليها، شاهد على حكايات لم أعشها ولكنني سمعتها، أقول بمجرد أن دخلت في الحكاية، أو بمجرد أن بدأت الحكاية في الخروج‘ هدأت وزال اضطرابي وخوفي، ذلك الاضطراب والخوف الذي فكرت معه أن أعود إلى بيت عمي وديع وأبكي أمامه وأعترف له أنني خائفة، ترعبني المسافة بين بيتي وبيته، ترعبي الساعات التي تبدأ بعد غياب الشمس وحتى الساعات الأولى من الصباح، يرعبني أن أتصل به فلا أجده، تنتابني منذ موت أمي هذه الحالة من الخوف، وبعد أن أتخلص منها أخاف من عودتها، أي إنني أخاف من الخوف.
وفي كل مرة أقاوم الحالة، بالتفكير في وجود عمي وديع لأطمئن، وخالتي ملك، ونهاد، وطنط كوثر زوجة عمي الأستاذ نشأت، أكرر لنفسي، “إن لم ينتهي خوفي وأتغلب عليه سوف أتصل بعمي وديع، أو خالتي ملك في البلد أو نهاد، أو أنزل لشقة الأستاذ نشأت لأقضي الوقت مع زوجته” لم أفعل أي من اقتراحاتي على نفسي ولا مرة، لأنني أخرج من خوفي إلى حكاياتهم، تأخذني أصواتهم وحركاتهم ويعودون يملأون البيت كما كان في وجود أمي
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب