كتاب الكتابة والحياة – علي الشوك
.كانَ على الشوك علماً، يتوهّجُ بثقافة، تتميّزُ بالتنوّعِ والغنى المعرفيِّ والثقافيِّ، والتعدُّدِ في الاهتمام باتجاهاتها الفكريّةِ ومدارسها الفنيّة، غيرَ هيّابٍ في تطويعها والتفاعلِ معها وهو يكتب ويؤلّفُ ليبتكرَ لنفسه أُسلوباً يُميّزه، وينحتُ مسلَّةً جماليّةً قوامُها السردُ والموسيقى ونقدُ النقد، متّكئاً على معرفةٍ بالعلوم والرياضياتِ ملتقطاً شذراتٍ من كلّ ميدانٍ من ميادينها متماهياً في بحورها وتجلّياتِها.
ويضيف: يقول علي الشوك، كلّما أرادّ أن يتوقّفَ عند محطّات إبداعهِ الفكريِّ والأدبيّ، ان كتابه ” الأُطروحة الفنطازية ” يظلُّ يحتلّ موقعاً أثيراً في مسيرة عطائه، فريداً من نوعه في العالم العربيِّ، ويجدُ في اعترافِ كلٍّ من أدونيس ومحمود درويش بقيمة الأُطروحةِ دالّةً تُكرّسُ قيمتَها وسعةَ تأثيرِها. ويرى الشوك أنَّ ” الأُطروحةَ الفنطازية ” كرّستهُ كاتباً ذاع صيتُه بين أبرزِ مجايليهِ من الكتّاب والمبدعين وجوازَ مرورٍإلى عالم الكتابة والأدب. والأطروحةُ قد تصلُح مفتاحاً لفهم شخصيّتهِ التي تجمع بين الانفتاح على العلم المجرّدِ الملغوم بالمعادلات الرياضيّةِ ومتاهاتِ نظريّاتِ الفيزياء والإبحارِ في عوالم الأدبِ والفنون، ومِنهما تمكّنَ من تطويع علمِ الرياضيّات لصياغةِ عملٍ أدبيٍّ رفيعِ المستوى.
علي الشوك، إذ يكتبُ في مذكّراتهِ أنّه صار نزيلَ “قاعةِ المُعترفين” تحت التعذيبِ، ويُقرُّ بأنّه لم يستطعِ الصمودَ أمام التعذيب، يُظهرُ زاويةً أُخرى من سمات ناسِ الزمن الجميل وفضائِله… إنّه لم يُكابر ولم يدَّعِ أو يُبرِّرْ ويسوِّقْ أكاذيبَ ليُزيِّنَ صورتَهُ كضحيّةِ نهجٍ أو سياسةٍ خاطئة أو ممارساتٍ فظّة، بل اكتفى بأنه ” اعترف “..
لكنَّ هذا الاعترافَ لا يكفي، فها هو يصفُ مشهدَ قائدٍ شيوعيٍّ جيء به من قاعةِ الصامدين بشموخٍ أمام الجلاّد، محاولةً في كسر إرادتِه ليتفرّجَ عبر شاشةِ التلفزيون على اعترافاتِ قياديٍّ انهار ؛ يقول علي الشوك: “لم يبقَ سوى دقائق ثم طلبَ بتعالٍ إعادتَهُ إلى محبسه”، مشمئزّاً من دون أن يتشفّى..!
علي الشوك، وقد اختارَ المنفى، حاولَ أنْ يسترجعَ كلَّ ما هو مُمكنٌ من ماضيهِ قبلَ الانكسار، وإذا لم تكنْ رواياتُه تعكسُ عودةَ الوعي هذه أو أنَّ بعضَها خدشَ سريرةَ أصدقاءٍ له ومُحبِّينَ وأثارتْ في ما بينهم تساؤلاتٍ خارجَ سياقاتِ العمليّة الإبداعيّة، فإنّ مذكّراتهِ تردُّ على هواجِسهم إذ تعكسُ كينونةً.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب