رواية أزاهير الخراب – باتريك موديانو
جلستُ على شرفةِ أحد المقاهي قبالة مدرّج «شارليتي»، ورحت أقلِّبُ عددًا من الفرضيّات بشأن فيليب دي باشيكو الذي لم أرَ وجهه حتّى. كنتُ أدوّن بعض الملاحظات، ومن دون أن أُدرك تمامًا ماذا أفعل، شرعتُ في تأليفِ كتابي الأوّل. لم يكن دافعي رسالة حياة اختَرْتها لنفسي ولا موهبة خاصّة حُبيتُ بها، بل كان ببساطة ذلك اللغز المتمثّل بحياة رجل من المؤكّد أنّني لن أعثر عليه، وكلّ تلك الأسئلة المحيطة به والتي لن أعثر على أجوبة لها. خلفي، يبثّ الجوك بوكس أغنية إيطاليّة، ورائحة إطارات مشتعلة تسودُ الأجواء. في فيء أشجار جادّة «جوردان»، شابّة جميلة تشقّ دربها. غرّتها الشقراء، وجنتاها وثوبها الأخضر كانت النسمات المنعشة الوحيدة، ظهيرة ذلك اليوم من أيّام أغسطس. ما الجدوى من السعي خلف ألغاز مُستعصية واقتفاء أثر الأشباح، حين تكون الحياة هنا أمامنا، ببساطتها، تحت الشمس الساطعة؟
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب