كتاب الوصية – راينر ماريا ريلكه
راينر ماريا ريلكه” مبدع فتح كتاب الشعر على نثر الحياة ولصالح الشعر دوماً، وأقام للقارئ مسرح الشعر أمام ناظريه: مسرح له أورفيوس دليلاً، نازلاً إلى أعماق النفس، وصاعداً منها إلى تجليات القصيدة، وهو مسرح يخال المفترج-القارئ فيه أنه يشهد ولادة الشعر أمام عينيه: هكذا نشارك في وضع بل في إيلاد القصيدة ونتتبع طريقها… السهل بالتالي. وفي ذلك يقوم إبداع ريلكه على تواطؤ إيجابي، وإن خادع، مع القارئ، يتيح فيه للشاعر-مريضاً وممزقاً- للقارئ مشاركته، معايشته الشغوفة لأحواله. يلقي هذا الكتاب على إبداع ريلكه من خلال كتابيه الأول الذي عنونه ريلكه باسم “الوصية” والثاني الذي اقترح الباحث عنواناً له “ترجمة حياة” لأنه مستلّ وحسب من مراسلات جمعت ريلكه بالشاعرة الروسية مارينا تزفياييفا وبالشاعر الروسي الآخر بوريس باسترناك في صيف (1926). يجمع هذا الكتابان أسباب علاقة متوترة ومتحفزة في آن بين المرأة والقصيدة في حياة ريلكه كما في كتابته. ولكل كتاب سيدته، وإن في ظروف مختلفة. في الكتاب الأول يبتعد ريلكه عن الحبيبة طلباً للقصيدة، وفي الكتاب الثاني يخشى الاقتراب منها-وهو بشكل ابتعاد بدوره. فما الذي يجمع الحب وتبعده القصيدة؟ لقد اختار الباحث في هذين الكتابين ترجمة رسائل متبادلة مع ريلكه مستقاة من كتابين “محققين” نقدياً وفي غيرهما، بعد أن استوقفته قيمة الرسائل، سواء في حياة ريلكه أو في أدبه، وهي لا تقلّ حجماً، بل تفوق حتى إنتاجه الأدبي الآخر، وتحتل قسماً كبيراً من أعماله الكاملة، ويعود اختيار الباحث لهذه الرسائل إلى أسباب متعددة منها أنها تكشف عن جوانب أساسية في حياة ريلكه، وفي حياة أصدقائه الذين لا يقلون شهرة عنه أحياناً. كما تكشف أيضاً عن كتاباته، إذ تضيء جوانب غير معلومة واقعة في ظروف تكوينها وتحققها. ومن هذه الأسباب أيضاً الوقوف على هذه العلاقة المميزة بين الحياة والإبداع عبر قنوات الرسائل. فالرسالة في حياة ريلكه “لاهفة” في غالب الأحيان، كما لو أنها تغالب الزمان وفقاً لتدافعات القلب وحدها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب