رواية ثاني اثنين – أدهم شرقاوي
وأتى من بعيدٍ تفوحُ منه رائحة الصحراء…
عربيٌ خالص لا شِية فيه!
نحيلٌ كأنه سُنبلة قمح!
دقيق السَّاقين كأنه عدَّاء، ولكن ثمة شيء فيه يخبرك أنَّ له سِباقاً غير سباقات النّاس!
وجهه أبيض نجا من شمس الصحراء بأعجوبة!
ظهره فيه انحناء قليل كأنّه كان يحملُ شيئاً ثقيلاً على كتفيه طوال عمره، ولكن نظراته الثاقبة تخبرك أن هذا الحِمل لم يكن بإمكان غيره أن يحمله!
لحيته مخضوبة بحناء مائلة إلى الحُمرة كأنَّ الشمس لحظة المغيب لم تجد لها مأوى غيرها!
ثيابه بالية، ولكن الرجل عليه مسحة عراقة التاريخ!
أردتُ أن أسأله: من أنتَ؟!
ولكن ثمة رجال تفقِدُ لغتكَ في حضرتهم، وقد كان واحداً منهم!
أطلتُ النظر إليه وصمتي يُكبلني، وفضولي يقتلني لأعرف من هو ولكنه أزاح عني كل هذا حين قال: لكَ السَّلام.
صوته عذب كأن الحروف تخرج من حِجر إسماعيل لا من فمه، فيه رِقَّة كدعوات الأمهات، وخشوع كتلاوة سورة الرحمن!
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب