كتاب الكراطيط – محمد اشويكة
يأخذنا محمد اشويكة في مجموعته القصصية الجديدة بعنوان “الكراطيط”، إلى مناخات ضاربة في العمق البدوي، في مقابل حياة مدنية تطفو على سطح السرد حينا وتغيب أحيانا كثيرة.
المجموعة قصة وراء قصة تجر معها حكايات تتناسل كقطيع مشاة يعتني به راع خبير. تتشعب المشاهد في نسج ساحر للخرافة، والخيال الخلاق، لملحمة عن فصيلة نادرة من الطبقات المسحوقة، لمدينة، قرية، قبيلة الكراطيط، بطقوسها الخاصة في العيش، في الأكل والشرب والزواج والموت، وحتى في العادات السرية التي يوغل الكاتب في وصفها بطريقة ساخرة حد البكاء.
من القاع ذاته تعلو الأغاني الشعبية ومواكب الأعراس، الجنائز والأمراض الفتاكة، والقهر الذي يجعل جل “أبطال” قصص اشويكة أقرب إلى الأرض ككائنات سقف حياتها واطئ، كما لو أن يدا جبارة تضغط على الرؤوس فتجعل الأجساد قصيرة والأرواح سجينة وكل حلم يسور بما يحده.
تتكون المجموعة من ثلاثة أجزاء متصلة ومنفصلة في آن واحد، نفك عبر أسطرها شيفرة العنوان، الذي جاء بصيغة الجمع لكلمة مفردة هي “الكرطيط”، وتشير في اللغة المغربية، حسب الكاتب، إلى الشيء القصير، كما تحمل دلالات ساخرة تتغير بحسب مواضع الكلام ومواضيعه.
وبخلفية موسيقية تتعدد حسب مزاج القصة ومساراتها، نسمع المواويل والجرات المغربية، وحتى أغاني زياد الرحباني وبوب مارلي، في هذا الخلاء حيث تأخذ الموسيقى مداها.
ومثلها تجد الحيوانات مكانها الموازي للإنسان والنباتات والخضر والفواكه بمسمياتها العامية، كلها تشارك “الكرطيط” سيرته بين فقر مدقع وغنى يفتح له أبواب الجحيم، انتقاما أو محاولات مستميتة لفرض وجوده. ليبقى السؤال الماثل هل عرفنا فعلا من هم “الكراطيط”؟ وتبقى الإجابة مفتوحة على احتمالات متعددة أرساها الكاتب أمام قرائه بدقة وأوجه مختلفة.
ونلفت إلى أن مجموعة “الكراطيط” صدرت أخيرا ضمن سلسلة براءات التي تصدرها منشورات المتوسط وتنتصر فيها للشعر والقصة القصيرة والنصوص، احتفاء بهذه الأجناس الأدبية، وقد وقع الكاتب مؤلفه أخيرا ضمن فعاليات معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب