رواية اليشنيون – جمعة اللامي
يقول الروائي جمعة اللامي في تذييله لكتابه، الذي يقع في 312 صفحة من القطع المتوسط: وكان دجلة غاضباً في ذلك اليوم، ثم تحول غضبه إلى ثورة عارمة عندما انتهى القوم من صلاة العصر. توجس الشيخ ماجد خيفة، وعادت إلى ذاكرته أسطورة “عبيد الشط” الذي يعيش تحت جسر نهر الكحلاء. لكن غناء السيد محمد، الذي يَفْطر القلب ويفطّر الصايم في رمضان، كما يقول اهل العمارة، جعل الشيخ ماجد والناس لا يعيرون بالاً للنهر الهائج.
وحين أخذ غرير يَجْعَر، بصوته الخشن الذي يشبه خوار ثور في أوج هياجه الجنسي، كما وصفه أهل العمارة، ثم هزه الطرب فنسي نفسه ومزق دشداشته ورمى بعقاله وغترته إلى الأرض، ثم أخذ يضرب رأسه الأصلع بالطبل، خشبة بعد خشبة حتى تكسرت جميعها.
توقفت عينا فليفلة عدة لحظات تحدقان بقامة عريسها المنبهر، وحدقت كذلك وبإمعان في صاحب تلك القامة المديدة، بقناعه الأسود، الذي يقف بجانب عريسها. كانت مشاعرها، الآونة، مزيجاً من الغبطة والحسرة والحيرة والفزع، فقد كانت ترى في النهر الثائر ما يوجب أن تكون حذرة ويقظة، عندما تقود قاربها الذي يشبه هلالاً في يومه الثالث، لتصل إلى نقطة الصفر في وسط النهر، بجوار العبّارة، للقاء عريسها الذي سيتقدم بقاربه وحيداً نحوها من الجهة اليسرى للنهر. كان المشهد مرعباً في جماله وفرادته، حين تقدمت فليفلة نحو العبّارة، بينما كان فيصل يتقدم أيضا نحوها.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب