كتاب تحرير العقل الإسلامي – قاسم شعيب
قد جاء العمل موزعا على مقدمة ومدخل (“العقل الإسلامي.. هموم التحرير والتنوير”) وستة فصول متضمنة العناوين التالية: “النص القرآني.. واستراتيجيات القراءة”، “خارج الحداثة.. صدام السلفية والعلمانية”، “ضلال الإيديولوجيا”، “الإسلام وتحولات الواقع”، “إنسانوية الإسلام”، “ضد هيغل.. جبر التاريخ أم فاعلية الإنسان”. يرى في تمهيد الكتاب أن عقلنا الإسلامي لم يكن في حاجة إلى التحرر من قيود التاريخ وعصبيات المجتمع وزيف الساسة وفساد الواقع كما هي حاجته اليوم، بحيث إننا أمام عقل يدعي الانتماء إلى الاسلام، لكنه في العمق يبتعد عنه قليلاً أو كثيراً في مبادئه وأحكامه ومفاهيمه، ولعل الفتاوى والأفكار التي تلتبس بالإسلام وتصل إلى حد التناقض لا تعبر عن تنوع وغنى في الفكر الإسلامي بقدر ما تعبر عن كثافة التشويه الذي لحق بالإسلام حتى أنه أصبح من اليسير التشريع للفساد السياسي والانحراف الأخلاقي والانحطاط القيمي باسمه، مضيفا أنه عندما يتجمد عقل الإنسان، يصبح مجرد تابع مقلد مستلب عديم الفعل والإنجاز، ومثل هذا الاختلاف لا يعبر عن عقل مفكر يريد مقاومة خور الذات ونكوصها، ولكنه يعبّر عن عقل متخشب يقدس الحجر والشجر والبشر، ويميل إلى احتقار الذات والإقرار بعجزها الدائم .ولعل مشكلة أكثر المسلمين هي تجميدهم لحركة العقل بدعوى أن ما في كتاب الله وسنة رسوله ما يغني عن العقل، وهو ما أنتج على مستوى الواقع مجموعات من الحروفيين والنصيين، لقد كان الخوارج من هذا النمط، ونضيف مع هؤلاء التيار السلفي، أو التيار الذي يصفه المؤلف بالنصيين، ممن يغفلون عن جملة من الحقائق الجوهرية، أهمها أن القرآن لم يأت بديلاً عن العقل بقدر ما جاء هادياً له ومرشداً، فمثل العقل والقرآن كمثل البصر والضياء، فالعين لا يمكنها أن تبصر دون ضياء، ملاحظا أن مشكلة النصيين في هذا الزمان أكثر بؤساً من تلك التي كان يعانيها النصيون الأوائل، على الأقل مع هؤلاء ـ يقصد الأوائل ـ كانوا يتعاملون مع النص بشكل مباشر، أما هؤلاء فإنهم مجرد تابعين لهم في نصيتهم، ويبقى القاسم المشترك بينهما غياب القراءة العقلانية والعلمية للنص، وإلغاء أية أبعاد اجتماعية أو معرفية أو تاريخية أو سياسية في فهمه.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب