رواية راقصة إيزو – ياسوناري كاواباتا
منذ نعومة أظافري وأنا متشرد بلا بيت آوي إليه ، والإجازات المدرسية أقضيها مع أقاربي متجولا من منزل إلى آخر ، لكن أغلب تلك الإجازات كانت في منزلين لاثنين من أقاربي الحميمين جدا. هذان المنزلان يقعان شمال وجنوب نهر (يودو). أحدهما في مدينة بإقليم (كاواتشي) والآخر في قرية جبلية بإقليم (ستسو). كنت أتنقل بينهما بقارب صغير . لم يحدث أن حللت بهما ضيفا ثقيلا ، بل على العكس فقد كنت أشعر دائما أنني في منزلي وبين أهلي.
أنا الآن في الثانية والعشرين من عمري ، في عطلة الصيف حضرت ثلاث جنائز في أقل من شهر ، وفي كلّ مرة أرتدي معطف أبي الحريري الذي أورثه لي، وتنوراته الطويلة وجواربه البيضاء واحمل في يدي مسبحة بوذية.
الجنازة الأولى كانت في فرع من إحدى أسر (كاواتشي) حيث توفيت أم شيخ العائلة التي أوهنها كبر السن . يقولون : إن لها أحفاداً في ثلاثينياتهم ،وأنها تقلّبت على فراش المرض لمدة طويلة. لك أن تقول إنها ذهبت إلى حتفها غير مأسوف عليها. عندما حدقت في هيئة الشيخ الكئيبة وعيون الحفيدة الحمراء بدا لي مقدار ما يشعرون به من حزن عميق ، ولكن قلبي لم يحزن على هذه المرأة . لم يخالطني شعور بموتها، ورغما عن إشعالي للبخور قبل المذبح إلا أني لم أتعرف على وجه المرأة التي ترقد في التابوت. لقد غاب عن ذهني أصلا وجود أحد فيه.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب