كتاب الشامي الأخير في غرناطة – عاصم الباشا
“أقيم في غرناطة، منذ سنوات، التجأت إليها من شرقنا بحثًا عن الهواء. أعبد الحمراء، والبيازين وكل آجرة فيها – أعرفها – والمسجد في قرطبة والمئذنة في أشبيلية والحمام في جيان والحمة وبسطة، تستهويني التواءات الأزقة وبريق العيون السمر… لكنني أرفض أن تحتويني الآثار. أنا الماضي والماضي أنا، وأنا أحيا، إنما هي من جملة التراكم المعرفي، تفصيل في صياغة الهوية، كلما اطردت المعرفة اتسعت رحابة الهوية وقدرتها على التفهم. اثنان يضعان لها الحدود والشروط: الجاهل والمستفيد من الصفقة.”. ويضيف: “كل حي متحوّل، والثابت مدعاة للموت. حتى الجثة في حالة صيرورة، ما من ثابت دائم.. وهنا يكمن الفارق.” بهذه الكلمات يتحدث في غرناطة عاصم الباشا الفنان النحات والرسام والروائي المولود في بوينيس آيرس لأم أرجنتينية وأب سوري، والذي درس في موسكو ويحمل الجنسية الفرنسية ويقيم في إسبانيا منذ سنوات طويلة. إنه المواطن الأممي خارج مثاقيل الجغرافيا وموازينها المرهفة لكونه ابن القارات الثلاث، ولكن الثقيلة أبداً لكونه المبدع الذي يعبر في فنه وكتابته عن الألم الإنساني.
ليست لدى عاصم الباشا مشكلة هوية مع أنه الأجدر من كثيرين بمثل هذه الإشكالية. إنه ابن العالم، نجد هذا في لوحاته ومنحوتاته التي نال عنها جوائز صينية وعربية وإسبانية وأوروبية مختلفة.
هنا مع هذه اليوميات لهذا الفنان نحن بإزاء نص جريء في لغته صادم في بعض مواقفه، لكنه نص إنساني النزعة أبيقوري المزاج يكتب عاصم الباشا ليحرر اللغة من سلطة الفكر وسلطة الخطاب القمعي وسلطة الاستعمال الاستهلاكي والنفعي للغة. شخص لا يريد من احد شيئاً. سوى مطارحة المزاج للمزاج. لكن هذه المجانية تبدو من جهة أخرى في ذروة شعورها بالمسؤولية عندما يتحدث الفنان عن الفن.
يوميات كتبت بلغة إشراقية هي ديدن الشعراء الكبار والفنانين الكبار والحالمين الكبار.
استحق عنها بجدارة واقتدار جائزة ابن بطوطة لليوميات.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب