رواية الرفيقة وداد – عماد محمود الأمين
استيقظ برهوم من نومه في الخامسة صباحاً، مُبكراً على غير عادته، وقد أمضى تلك اللّيلة الممطرة من تشرين الأول 1954 بين النائم والمستيقظ، يتقلّب من جهة إلى أخرى، بعد أيامٍ عصيبة، لازمتهُ فيها، كظلّه، حالةٌ من الاضطراب والقلق.
نهض من فراشه ولبس ثيابه على عجل، ثمَّ بدأ يذرع الغرفة ذهاباً وإياباً على الحصيرة المستطيلة الّتي تفصله وأخاه عن الجهة المقابلة حيث تنام أخواته الخمس، مُفترشاتٍ الأرض، وغامِراتٍ رؤوسهنَّ بالأغطية من شدّة البرد. وتمنّى لو يستطيع الدّخول إلى قاعة الاستقبال الواسعة فيتحرّك على راحته. ولكنَّ والدته كانت قد أقفلتها قبل أن تأويَ إلى الفراش، لتحافظَ عليها مرتّبةً وجاهزةً لاستقبال الزّوار. هذا إذا كان الخبر سعيداً.
لماذا كلُّ هذا الخوف؟ فهذه ليست المباراة الأولى الّتي تجري في لبنان لتعيين مدرّسين رسميّين. لقد سبقتها مباراةٌ في أوّل السّنة، ونجح فيها جارهم الّذي وإن كان يكبره بسبع سنوات، فقد كان دونه معرفةً باللّغة العربيّة والرّياضيّات، وأيضاً، هو على ثقةٍ بل على يقين من نجاحه.
هل أنهكتْه هذه الشّهور من الانتظار منذ تاريخ المباراة في الصّيف، وجعلتْه يبدأ بفقدان الثّقة في نفسه؟ شعر للمرّة الأولى في حياته كم أن الانتظار يدفع إلى الشّكِّ حتى باليقين.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب