رواية الخيول – أحمد يوسف داود
نهض زكوان دون كلمة ومشى إلى الداخل، ثم جلس على كرسي آخر…
ـ لماذا تبتعد عن النار؟ إنك مبلل حتى العظام!! فلماذا تبتعد عنها؟.. نهض ثانية، ثم اتجه إلى الباب، وأطبق الصمت والترقب على الرجلين الآخرين…
وعلى العتبة استدار وقال بصوت محشرج:
ـ لقد ماتت..
ـ ماتت؟ من هي..؟
ـ ماتت … طفلة في الشام.. اسمها .. ﻻ أدري.. ماتت!! حين وصلت كانت مريضة! قبلتني هنا.. آه.. ﻻ.. بل على خدي هذا ثم قالت لي: بابا أنا لم أحب أحداً مثلك أبداً.. ثم.. ثم.. ماتت!!
وأمس ليلاً جاءت وقالت إنها قادمة!! ظننت أنها ستمر من هنا.. ولكنها ماتت.. ماتت!!
ازداد المطر انهماراً. ومشى الرجل بنفس الخطا الحزينة عائداً في طريقه.. مطرقاً غير ملتفت إلى شيء..
ـ صرخ راشد:
ـ زهوان… زهوان!!
ولكن الدروب تريد أقداماً، مثلما تريد الغيوم الريح!! ومن العبث أن تظل الدروب بلا أقدام.
ـ زهوان.. زهوان!!
وضع محسن السلوم رأسه بين راحتيه .. واستكان.. وهطلت دمعتان من عيني راشد عند الباب، فاختلطتا بالمطر، ثم ضاعتا في المياه الصبيبة..
أخيراً سقط الحزن بكل أثقاله .. قبل أن يبدأ الزمن حركته من جديد!!
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب