رواية سمعت صوتًا هاتفًا – وليد إخلاصي
تمددت تجربة وليد إخلاصي على مساحة غطت حوالي نصف قرب، كانت الكتابة امتحاناً لأسلوبه ولطموحه ف أن يمضي قدماً في التجريب، بحثاً عن صيغ يتطابق فيها المعنى مع المبنى ف أعماله الروائية والقصصية والمسرحية. لذا فإن ما يمكن أن يطلق على نصوصه هو المغامرات الروحية المنطلقة إلى الخيال في الواقع المعاش، وإلى التخيل في واقع الحياة الواسعة الأرجاء. وبالرغم من قلقله التجريبي الملح فإنه لم ينقطع عن اجتذاب لغة صالحة للبناء المعماري الجاهز لسكنى أفكاره وصوره الحيوية، وكأنه لم يتطلع بإعجاب إلى نص كان قد انتهى منه، لذا فإن آخر عماراته يجيء على الدوام متحرراً من وقاعد وخطوط ما سبقه من بناء.
وفي روايته الأخيرة “سمعت صوتاً هاتفاً” تبتدئ الحكاية فيها بخدعة من يحاول أن يسجل وثيقة عن جانب من حياته الشخصية، فلا تلبث المخيلة أن تستدعي من كهف الذكريات مجموعة من رفاق الطفولة يقدمون شهادة على مرحلة من حياة مدينة حلب وهي تخرج من عباءة الاستعمار. تلاميذ في مدرسة واحدة يحملون ويتطلعون إلى المستقبل من أعين متباينة، فيعمل واحد منهم على استكمال دراسته الدينية ف الأزهر، ويحقق الآخر حمله في أن يكون طياراً حربياً، ويهاجر الثالث إلى فرنسا بعد أن انقطع مبكراً عن الدراسة لفقره، فيحقق في الغربة مجداً مالياً ويعود بعد ذلك إلى أحضان مدينته، يصغي كما الكاتب يفعل، إلى الصوت الذي ينبعث من رحم زمن مضى. وهكذا تصبح الحكاية صدى يعبر عن إيقاع التحولات الاجتماعية التي ما زالت تتراكض كحصان سباق يجاري الإنسان فيسبقه أو يتخلف عنه. إنها رواية الزمن الهارب.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب