كتاب أنطولوجيا اللغة عند مارتن هيدجر – إبراهيم أحمد
تكتسب اللغة عند هيدجر دوراً مفصلياً لا غنى عنه، فلكي نفهم الكينونة ونحدد إحداثياتها لا بد أن نرجع وحسب مبدأ الإحالة الفينومينولوجي إلى عنصرها الأصيل وهو الكائن، ذلك أن الكينونة، كما بلورها تحديداً في كتابه العمدة “الكينونة والزمان” ليست موضوعات جامدة أو أشياء تسبح خارج منظومة الزمان والتاريخ، بل إنها عبارة عن محطات أو “علامات” تحيل إلى مجموعة من الأوصاف يتلقف أثيرها الكائن عبر ملكته الأساسية المستقبلة وهي اللغة لينثرها ويحولها إلى دلالات ومعاني قصدية، مجازية لجهة أن لغة هيدجر تبطن أكثرها مما تفصح، وتلمح أكثر مما تصرح، بل إنها تتميز بخاصة محورية أخرى، فيما ترى صديقته الفيلسوفة آنا أرندت، وهي خاصية الاختراق، فهيدجر لايفكر “في الشيء أو حول الشيء” ولكنه “يفكر الشيء ذاته” ما يمكنه من الغوص في أعماق مياه الكينونة الراكدة بعيداً عن كل تأمل أو استبطان، هذا الكائن الجديد هو “الدزاين” كائن اجتمعت فيه كل متناقضات الوجود فهو هنا ولكنه أيضاً هناك وهو كائن قلق ومهموم لكنه مطمئن إلى إنه يملك شيئاً واحدا ًوهو أنه موجود، وهو كائن مائت لكنه الموت الذي لا يغيبه عن الوجود لأن الحياة موت والموت أيضاً حياة كما يقول الشاعر هولدرلين في إحدى ترانيمه التي كتبها في سنوات جنونه الأخيرة، علمأً أن هولدرلين مكارس تأثيراً سحرياً على هيدجر لغة وفكراً، إذ يكفي أنه أنزل اللغة الشعرية أعلى مراتب الكينونة وجعل من الإنسان الشاعر أنموذج الكائن المدرك لوضعه، المتوثب لمستقبله وبخاصة ي كتاب “محاولات ومحاضرات”.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب