كتاب أسفار شيلد هارولد – لورد بايرون
يتألف كتابه «أسفار شيلد هارولد» من أربعة أناشيد، وهو يروي رحلات بايرون في القارة العجوز، إذ يقتفي تضاريسها ومدنها وماضيها الآفل بعيون شخصيته المتخيلة (شيلد هارولد) التي تشبه إلى حد كبير شخصية بايرون نفسه، إذ ينطبق عليه الكثير من الأوصاف التي ينسبها لبطله: «كان فيه احتقار مستمر لكل شيء، حتى ليخيل إليك أنه عانى أسوأ ما يمكن أن يكون. وكان يعيش على الأرض غريباً عنها، وكأنه روح شاردة ألقي بها من عالم آخر، وكان له خيال مظلم يخلق لنفسه الأخطار التي يكون أنقذ منها، ولكن عبثاً، فذكراها كانت لنفسه مصدر انتصار وندم معاً». والملاحظ أن هذه الرحلات التي وثّقها في هذا الكتاب، جاءت كردة فعل، لا عن تخطيط مسبق. فالرحلة الأولى التي دامت سنتين، جاءت احتجاجاً على الاستقبال البارد الذي حظي به لدى دخوله مجلس اللوردات البريطاني وهو في سن الحادية والعشرين فعزم على الرحيل من انكلترا. هنا بدأ عهد التنقل الأول إذ ارتحل أولاً إلى إسبانيا ومن ثم إلى اليونان وألبانيا وتركيا. تفاصيل ومسار هذه الرحلة ومشاهداتها الغنية موثقة في النشيدين الأول والثاني من أسفاره هذه، ولدى نشرهما عام 1812، بعد عودته إلى انكلترا، لقيا رواجاً هائلاً حتى قال هو نفسه: «لقد استيقظت ذات صباح فوجدت نفسي مشهوراً».
أما الرحلة الثانية التي بدأت من عام 1816 وحتى مماته، فخلّد تفاصيلها في النشيدين الثالث والرابع، وهذه الرحلة الثانية والطويلة جاءت، بدورها، عقب فضيحة روجتها زوجته عن علاقة محرمة له مع أخته غير الشقيقة أوغستا، فغادر بايرون إنكلترا نهائياً. لكنه لم ينجُ من إدانة المجتمع الإنكليزي له، الذي اتهمه بأنه «يطلق العنان لشهواته ويخفق في إخفائها». هو بدوره، في هذين النشيدين، أعلن الحرب على النفاق البريطاني، وراح يهجو الطبقات العليا، وأدان استغلال أصحاب المصانع العمالَ، داعياً إلى ما يشبه الثورة. غادر إلى بلجيكا، أولاً، وزار ساحات القتال فيها خصوصاً مسرح معركة واترلو التي كان مضى على وقوعها سنة واحدة. ثم اتجه نحو جنوب ألمانيا حيث سحرته مناظر الراين الرائعة التي أبدع في وصفها في هذه الأسفار. وتابع مجرى نهر الراين حتى منابعه في سويسرا حيث أقام مدة قرب بحيرة جنيف (ليمان). ثم سافر إلى ايطاليا وقضى في مدنها مثل جنوا وبيزا حياة مطلقة من كل قيد بل شارك في السياسة، وكذلك فعل في اليونان، إذ دعمها في كفاحها ضد تركيا، ولم يكتفِ بذلك، بل حارب، فعلياً، في صفوف اليونانيين ضد السلطنة العثمانية، إلى أن أصيب بالحمى في مدينة مسولنجي اليونانية، ومات فيها في 19 نيسان (أبريل) 1824 في سبيل الدفاع عن الحرية والاستقلال في وطن غير وطنه.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب