كتاب فن الوجود – إريك فروم
من الحق أن كل الكائنات الحية، سواء كانت حيوانات أو بشراً، ترغب بالحياة، ولا تموت هذه الرغبة إلا ضمن ظروف استثنائية غير طبيعية، مثل رزوح المرء تحت ألم لا يمكنه احتماله، أو عندما تجتاح الإنسان مشاعر جارفة مثل الحب والكره والفخر والولاء، إذ يمكن لهذه المشاعر أن تكون أقوى من رغبة الانسان بالحياة نفسها. ويبدو أن الطبيعة، أو يمكنكم القول إنها عملية الاصطفاء، قد وهبت كل كائن حي الرغبة بالحياة، ومهما تكن الأسباب التي يعتقد أنها وراء رغبته في الحياة، فهذه مجرد محاولات لعقلنة ذلك الدافع البيولوجي والغريزي الذي منحته إياه الطبيعة.
الحقيقتان اللتان لا تحتاجان الى تفسير هما: “نحن نرغب بالحياة” و”نحن نحب أن نحيا الحياة”، لكن الأسئلة التي تحتاج الى إجابة هي: “كيف نرغب أن نعيش؟” “ما الذي نبتغيه من الحياة؟” ما الذي يجعل الحياة ذات معنى بالنسبة لنا؟”.
يجيب الناس بإجابات مختلفة على هذه الأسئلة، والتي تتشابه بشكل أو بآخر، فهنالك من سيقول أنه يرغب بالحب، وغيره بصرح بأنه يرغب بالسلطة، وهناك من يتحدث عن رغبته بالشعور بالأمان، وغير هذا وذاك من يقول انه يرغب بالمتع الحسية والراحة، وسواه من يرغب بالشهرة بيد أن الكثيرين سيتفقون على أن ما يرغبون به هو “السعادة”، وهذا أيضاً ما صرح به معظم الفلاسفة وعلماء الدين قائلين انه الهدف الذي يسعى اليه الانسان.
لكن اذا كانت السعادة تتضمن المعاني المختلفة السابقة، والتي تعتبر حصرية بشكل كبير، فإنها تصبح مجردة، وبالتالي تفقد قيمتها، سوى أن المهم حقاً هو دراسة معنى كلمة “السعادة” كما يراها الشخص العادي أو الفيلسوف.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب