رواية نيتروجلسرين – مصطفى عبيد
فتح “حسين” باب شقته بعد أن عاد من احتفال بنجاح العملية في أحد البارات القديمة بصُحبة “عبدالقادر”، والذي أخبره بنبأ اغتيال الشيخ “حسن البنا” في القاهرة. دلف إلى الداخل مُستعيدًا قول صاحبه بأنَّ فلول الإخوان في سوريا يقولون إنَّ الشيخ البنا قُتل بواسطة أحد الأجهزة السرية التي يُديرها الملك فاروق، وفكّر للحظات أنَّه ربما نفذَ عملية اغتيال “أمين عُثمان” لصالح الملك دون أن يدري.
حدّث نفسه بأن قتل زعيم الإخوان المُسلمين بهذا الشكل يؤكد أنَّه لا أمان للملك أو رجاله أو المُتصلين بالسراي، وأنه ربما يُضحي بأي شخص في سبيل تحقيق آماله. أضاء نور الصالة فلاحظ مظروفًا تم دفعه من تحت الباب، فسارع لفضِّه متوجسًا خيفة. قرأ خطابًا بدون توقيع من مناضل عربي إلى المناضل “حسين توفيق” يُثمّن بطولته وشجاعته ويُحيي فيه إقدامه على الانتقام لدماء الفلسطينيين في دير ياسين. وقال مُرسل الخطاب إنَّ طريق العملية القادمة مرسوم بعناية، وأنَّه يترك تحديد موعد التنفيذ له، موضحًا أنَّ هُناك جاسوسا بريطانيا يقطُن في الناحية الشرقية من جبل قاسيون في منزل فخم، واسمه سترلينج، يعمل مراسلًا لجريدة “التايمز”. وذكر الخطاب أنَّ الرجل يستيقظ في السابعة صباحًا ويذهب إلى مكتب الجريدة في الثامنة ويظلَّ مُتنقلًا بينه وبين الهيئات الحكومية والسفارة البريطانية حتى السادسة مساء حيث يعود إلى البيت. أضاف الخطاب أنَّه لا يوجد لدى الجاسوس أي حُراس، وكُل مَن يعيشون معه هُم سائق وخادمة وسُفرجي، وأنَّ لديه بُندقية سريعة الطلقات في منزله، فضلا عن مُسدسات متنوعة.
واعتبر “حسين” الخطاب دليلا على صحة استنتاج “عبدالقادر” بشأن وجود تنظيم مُشابه ومُقارب في التوجهات، لكنَّه شعر بالحيرة عن السبب الذي دفع ذلك التنظيم إلى إهداء المعلومات حول سترلينج له بدلًا من القيام مباشرة بالاغتيال مباشرة.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب