رواية عش الطائر المتوحد – أبو يوسف طه
من حقّى استئصال الشر بدم بارد، الشر الذى يفاقم مقاساة الناس الطيبين. لم تهدئ فورانى، أو تلجم جماحى مئات الكتب التى قرأتها، وأنهيتُ خرسها الماكر بأن جعلتها حطباً للمدفأة، الوحوش لا تقرأ الكتب، ولا تعبأ بفتاويها. استيحاشى أنتم صانعوه. والقوة وحدها هى التى تجلب الحق. هذا الحق الذى سُلب منى، فى أن أحيا سعيداً. أأكشف لكم أيها الفضلاء السر وراء هذا الجنوح المسعور الذى أعتبره بطولة فى عالم خلو من الأبطال؟ لا يليق بى فعل ذلك، فلست فى مأمن من الشماتة، شماتة أولئك الطاهرين المزيّفين، المستمرئين الرؤية من ثقب الباب للسطو على الأسرار الغافية…
هل نفد صبركم بعد تلكُّئى فى فتح الصندوق العجيب؟ أنا الآن فى الضيعة التى توجد فى اللامكان. ضيعة “عشّ الطائر المتوحِّد”، بعيداً عن مرماكم، لغتكم، أحلامكم، أوهامكم. إنكم ضوارٍ تخفى أنيابها ومخالبها تحت قناع، ألا تعرفون أن من جملة الوصايا التى أسير على هديها: كُن صلباً قاسياً، واحذر الشفقة. صحيح، أكيد أن لا مكان هنا، فى هذا العالم الشرس للإنسان الناعم، الشفوق، الدامع العينين دائماً، المرتجف الفؤاد الذى ينقاد إلى الهوة بكلام فى حلاوة العسل.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب
