قريبا
رواية رسائل أمارجي – جمال حسين علي
أسلوب الضغط الأول الذي اتبعوه مع الرجل، ما يسمونه في عرف الشرطة «الكعب الدائر».. فقد بدأ بالمقر السرّي لوحدة عسكرية غامضة تعرف بفريق عمل 6 – 26 الذي يدير معتقل ناما السريّ المتواري عن الأنظار والواقع على طريق ترابي أمام مطار بغداد، وهو المحطة الأولى لأغلب المعتقلين ذوي الأهمية العالية قبل إعطائهم «الكورسات» المعتادة في سجن «أبو غريب » على بعد بضعة أميال.
هذا الفريق على درجة عالية من السرية.. لا أحد يعرف قادته، ولا عناصره، ولم تصل إليه أية وسيلة إعلامية أو حقوقية. يتم إلباس المعتقلين في هذا المكان الغامض ملابس زرقاء مع نظارات تلتصق على أعينهم وتحجب عنهم الرؤية ويتم تقييدهم في غرفة فحص الأطباء.. وبعد انتهاء الفحص يتم نقلهم إلى زنزانات يبلغ عددها 85 زنزانة تملأ مبنيين، وبعضهم يرمون في أكواخ خشبية أو أقفاص حديدية لا يستطيعون الوقوف فيها، ويبقون لأسابيع في وضع القرفصاء. وعندما كان الانفعال يتصاعد عندهم، ينفصلون عن الوعي لدرجة إحساسهم بأنهم غير موجودين، ولعلّ هذه إحدى الحالات التي واجهت المُعَذِّبين حينما لا يرون أيّ أثر وردة فعل لما يقومون به في أجساد المُعَذَّبين (الذي صاروا غير موجودين).. تالياً، فالنظرة الأميركية في أنهم يحتجزون أشباحاً فيها من الواقعية بعض النصيب.. فهؤلاء المعتقلون تحوّلوا في غضون سلسلة متصّلة من التنكيل، إلى أشباح بالفعل. أما المعتقلون ذوو الأهمية العالية كالرجل، فقد وضعوا في الغرف السوداء ذات الخطافات المدلاة من السقف كرسائل تهديد وتخويف، يتم بعدها افتعال الضجيج والصخب لتدمير أعصابهم ليجبروهم على ارتداء قلنسوات زيتونية اللون ثقيلة خارج زنازينهم.. ليتسلّى الحرّاس باللهو بهم ككرات لعب، وهم غاية في الحماس والإثارة خلال وضع رهانات على لعبتهم البشرية هذه.
تذكر أنك حملت هذا الكتاب من موقع قهوة 8 غرب